حيث إن هذا الأمر يعني أن الوضع في المنطقة يمر بأزمة شديدة ومنعطف خطير يجب الانتباه له جيداً وادراك حدة خطورته, وخاصة بعد أن تبين أن هناك أيادي خفية وأجهزة مخابرات عديدة تلعب وتعبث من وراء الستار بأمن المنطقة وفق استراتيجية منظمة ودقيقة.
هذا الارتفاع الحاد في حالة العنف في المنطقة ماهو إلاَّ مؤشرُ دقيق للافرازات السياسية والعسكرية ) الخاطئة( التي أحدثتها حالة الحرب على أفغانستان والعراق.
وهذه الافرازات التي بدأت تظهر بصورة تدريجية تؤكد تماماً صورة الخطأ الاستراتيجي الذي اتخذته الولايات المتحدة بخصوص موضوع مكافحة الإرهاب.
إن كل المؤشرات تؤكد أن هذه السياسة لم تنجح حتى في حل اشكاليات الدول التي احتلتها أو تعمل على عودة السلم الاجتماعي إليها, ففي أفغانستان مثلاً, لايزال الشعب الأفغاني يعيش في وضع سيئ من النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية وأمراء الحرب عادوا من جديد إلى صراعاتهم, والمخدرات عادت من جديد وزادت في الانتشار, والهاجس الأمني في كابول مستمر, فهناك حوادث نهب وقتل بمعدلات مخيفة, الصواريخ تسقط على القواعد الأميركية والانفجارات مستمرة والوعود بالتعمير كلها تبخرت والقضاء على ماتسميه الولايات المتحدة بالإرهاب لم يتم.
وفي العراق بعد سنوات من الاحتلال,الانفلات الأمني مستمر, وشلال الدم يحصد مئات الضحايا الأبرياء وحالات الاغتيال والجريمة والسرقة في تزايد, والظروف المعيشية من سيئ إلى أسوأ .
التقدم الاجتماعي والاقتصادي لم يتحقق, وأحداث سجن أبو غريب تتواصل فصولاً. وكذلك الآثار الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي قد تحتاج إلى سنواتٍ طويلة ومبالغ كبيرة طائلة للإنفاق على علاجها.
كل ذلك مرتبط بحقيقة واحدة هي أن استراتيجية مكافحة الارهاب بالطريقة التي اتبعتها واشنطن هي السبب الرئيس الذي أشعل حالة العنف والإرهاب في المنطقة, وزاد من خطورته وحوّل جماعاته ومنظماته وأفراده إلى خلايا سرطانية عنيفة تمارس العنف وتضرب وتفجر في كل مكان وفي كل موقع, ولا يهمها موت مئات الأبرياء أو ما تخلفه من أضرار جسيمة بالغة القسوة على حركة الحياة والمجتمع بأكمله.