غير أن ذكريات الليالي الصاخبة لا تزال تلوح في الأفق في فرنسا وغيرها من دول أوروبا, حيث كان سجل اندماج أمواج المهاجرين غير الأوروبيين غير منتظم في أفضل الأحوال. وعلى الرغم من التقارير التي افادت عن وقوع حرائق مفتعلة مطابقة في بلجيكا وألمانيا, إلا أنها لم تشكل إنذاراً بأن الأحداث التي شهدتها فرنسا خلال الشهر الحالي ستمتد إلى باقي أنحاء أوروبا- في الوقت الحاضر على الأقل.
لكن بعض المراقبين يعتقدون ان الأسباب التي قد تشكل وقود هذه الحوادث موجودة, وكل ما يتطلبه الأمر هو فتيل الإشعال المناسب.
وقال ماركو مارتينيللو مدير الأبحاث في الصندوق الوطني للأبحاث العلمية في بلجيكا يمكن إيجاد الأسباب الحقيقية التي تفسّر أحداث الشغب التي شهدتها فرنسا في مدن أوروبية كثيرة: استثناء المهاجرين منذ فترة طويلة, وفقدان أملهم بالنسبة للسكن المتساوي والوظائف المتساوية .
وأضاف : لكن نوع الشغب الذي شهدناه في فرنسا لا يمكن تصديره بسهولة.
وأضاف مارتينيللو أن أحد الأسباب التي تحصر حوادث الشغب في فرنسا في الوقت الحاضر تحديداً, بسيط جداً, فنوع مشاريع الإسكان التي تقيمها الحكومة في فرنسا فريد من نوعه. والعديدون من الجيل الأول المهاجر في بلجيكا مثلاً ليسوا معزولين في الضواحي لكنهم موزعون في مختلف أنحاء المدينة حيث يختلطون مع السكان الأصليين. ولا يعتقد خبير الهجرة الهولندي هان أنتزينغر كما مارتينيللو أن حوادث الشغب الفرنسية يمكن تصديرها بسهولة إلى باقي أنحاء أوروبا في المستقبل القريب. غير أن أنتزينغر أستاذ دراسات الهجرة والاندماج في جامعة إيراسموس في روتردام أوضح انه بعد خمس سنوات, يمكن أن تختبر بعض الدول الأوروبية تطورات مماثلة. لقد عانينا من حوادث شغب تتعلق بالمهاجرين في بريطانيا في الماضي. لقد شاهدنا مثلاً عنها في ألمانيا منذ 10 سنوات. لقد حصلت في هولندا في الفترة القريبة الماضية. وطالما أن نسبة المهاجرين في مجتمعات أوروبا الجنوبية ستزداد, ستكون هناك توترات اجتماعية أيضا ً .
أمااسبانيا وإيطاليا فتعتبران نوعاً ما جديدتان في استيعاب الأعداد الكبيرة من المهاجرين. لقد كانت الدولتان تعانيان من ألم مزمن وهما تحاولان التعامل مع القوارب المليئة بالمهاجرين الاتين من شواطئ أفريقيا الشمالية والطامحين للنزول على الشاطئ--أو كما في حالة اسبانيا إجبار المهاجرين الذين يحاولون تسلق السياج في جيبي كويتا و مليللة . وكانت الحكومة الاشتراكية برئاسة خوسيه لويز رودريغز ثاباتيرو في مدريد قد سمحت لمئات آلاف المهاجرين غير الشرعيين بتسوية أوضاع إقامتهم في اسبانيا في وقت سابق من العام الحالي.
من جهتها, فقد دافعت سياسة الهجرة البريطانية عن التعددية الثقافية وعرضت برنامج التصرف الإيجابي لإعطاء دفع للأقليات. وهذه السياسة تتعارض كلياً مع سياسة فرنسا القائمة على عمى البصر في دمج المهاجرين الملونين, الأمر الذي ينأى عن أي نوع من التصرف الإيجابي. لكن بعض المراقبين يعتقدون أن هذه السياسة (البريطانية) أثبت فعاليتها.
وقال هوغو برادي المحلل في معهد الإصلاح الأوروبي في لندن لقد كانت بريطانيا نموذجاً ناجحاً- على الرغم من الصيحات الأخيرة والشعور بالصدمة الذي نتج عن تفجيرات 7 تموز في لندن واعتبارها بريطانية المولد .
ومع ذلك, لم تكن بريطانيا محصنة ضد هذا النوع من عدم الراحة الذي اجتاح فرنسا خلال الأسابيع القليلة الماضية. وتضيف جولي أن اليوم, ينخرط العديد من المهاجرين في بريطانيا في السياسات المحلية - إن لم يكن الوطنية- ويشاركون في الجمعيات والمؤسسات الأهلية والمدنية.
وقالت : أما الوحيدون الذين تركوا خارجاً فهم الشبان الصغار في بريطانيا لأن الجيل الأول من المهاجرين احتكر القيادة المحلية. لذا هناك شعور بالإحباط بين الشبان يعبّر عنه بطرق مختلفة - بعضها مثلاً التحوّل نحو التطرف الإسلامي. لكن هذه قضية معقدة جداً .
غير أن جولي قالت إن وجه أوروبا يتغيّر ولم تواجه مثل هذا الأمر دائماً. إن وجه أوروبا يتغيّر بسبب تسوية وضع الأشخاص من جذور مهاجرة.
هذا إناء للمجتمعات بطريقة ما- لكن هذه المجتمعات لا تزال تتعلق بتجانسها الوطني . وأضافت : إذا لم يتغيّر هذا الأمر, فإنه يتجه ليشكّل أزمة .