وللدخول في تفاصيل هذه المسألة أقامت المستشارية الإيرانية ندوتها الشهرية التاسعة والعشرين تحت عنوان(كيفية التعامل مع السلوك المتعب للأبناء).
وبهذا الخصوص تحدثت الأستاذة غالية العشا الاختصاصية الاجتماعية. حيث سلطت الضوء على كل ما يتعلق بالسلوك المتعب للأولاد والحرص على التدرج في التربية بحنان ورفق وحكمة, فمن ربّى ولده صغيراً سعد به كبيراً. وعليه بينت: أن الطفل المتعب هو نتاج لظروف متعبة وأجواء غير متوازنة تعيشها الأسرة, فإما أن تكون الأم متعبة بسبب ظروف اقتصادية أو زوج محبط أو لكثرة الأعمال المنزلية وانخفاض تقدير أمومتها, وإما أن يكون الجو الأسري متعبا بسبب المشاحنات أو غياب الأب, أو فقدان الدفء والحنان, وقد يكون الجو المدرسي هو المتعب بالنسبة للطفل نتيجة للمقارنة مع الآخرين أو لأن المعلم ناقد ومستهزىء باستمرار.
وبالطبع كل هذه الأمور متعبة للأم وللطفل معا وتنعكس على سلوكيات الطفل وحيثيات التربية ومن ذلك أشارت المحاضرة الى جملة من النقاط التربوية وصفتها على أنها حلول يتوجب تنفيذها والعمل على تحقيقها من قبل الأسرة وخصوصا الأم:
أولا: تشجيع نفسها وتقدير جهودها حتى تشعر بأهمية مشروعها التربوي فكثيرا ما تعاني الأم من التهميش لجهودها, فتشعر بالإحباط.
ثانيا: على الأم أن تعطي جوا من المرح داخل المنزل تقلل من خلاله المشاحنات والأساليب الجدية في التعامل فتفسح المجال للطفل للتعبير عن رغبته وعن الضغوط التي يعاني منها وخصوصا في المدرسة.
ثالثا: علينا مساعدة الطفل بطرق عملية على تحقيق ذاته وتنحيتها ولا نستخدم لذلك التشجيع الكلامي فقط وقد يكون ذلك عن طريق الحوار وإعطائه خيارات وإشراكه في اتخاذ بعض القرارات المتعلقة بالأسرة ودفعه لمعاشرة أطفال ايجابيين.
رابعا: عدم التصرف مع الطفل المتعب على أنه متعب وعدم إظهار هذه المشاعر أمامه, فمن المعروف أن الطفل يفهم حركات الأم وتعابير وجهها ونظراتها ونبرة صوتها لذلك يجب التحكم في كل ذلك حتى لا تنتقل إليه الصورة السلبية التي تمتلكها عنه.
ومن النقاط التربوية التي تهيىء جوا سليما للطفل هي مساعدته في أن يكون متعاونا ودفعه لمساعدتنا في بعض الأعمال المنزلية ومساعدة الآخرين (الجيران, الأطفال الأصغر منه سنا, الشيوخ) لكي نخلق لديه شخصية متعاونة.
وتنهي المحاضرة بحثها هذا بالتنبيه الى أن هذه الوسائل التربوية لا تسير بخطا سليمة دون استقرار داخلي للأسرة مع تنظيم في كل أمورها اليومية والحياتية بعيدا عن الحساسية المرتفعة تجاه بعض الأمور.
سؤال وجواب
هذه الندوة أثارت الفضول لدى الجمهور المشارك وخصوصا الأمهات فتبعها الكثير من الأسئلة والمداخلات نذكر منها: ماذا تفعل الأم في حال كان الأب مسيطرا ومتفردا في أفكاره? عن هذه تجيب الباحثة العشا إن هذا يحتاج الى جهد كبير من قبل الزوجة والى وقت طويل وطرق فنية تقدم من خلالها هذه الأفكار التربوية دون أن تجعله يشعر بأنها تخترق أفكاره أو أنها تعلمه ويجب ألا تنتظر في مثل هذه الظروف أي تقدير وتشجيع من الزوج, بل عليها أن تحول الموضوع الى تشجيع ذاتي وأنها سوف تحصل على نتيجة جهدها هذا في نهاية الأمر.
وفي مداخلة أخرى تضمنت كيفية التصرف تجاه الاعلام التجاري المتعب وما يطرحه من ثقافة استهلاك مستمرة للأطفال? حيث أجابت المحاضرة من المهم أن نستخدم مع الأبناء مسألة الضبط الداخلي وليس الخارجي الذي يعتمد إما على المنع المادي أو التحفيز المادي, فليست الفكرة أن أشتري أو لا أشتري بل لا بد من البحث مع الأطفال في أهمية هذا المنتج الاستهلاكي وما يعادله من منتجات أخرى ضمن حوار موضوعي وإعطائهم جرعات يومية عند مسألة التعاون المادي والمعنوي داخل الأسرة.
وفي مداخلة أخيرة بينت ضرورة ترك السلطة التربوية بيد الأب والأم فقط وعدم إعطاء الصلاحيات التربوية للإخوة الكبار.