تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة..يجب فرض العقوبات الرادعة لتبقى كلمة الحق عليا

مجتمع
الثلاثاء 22/11/2005م
ملك خدام

الصحافة أو كما يطلق عليها البعض مهنة المتاعب, هي السلطة الرابعة في الدولة تضاف الى السلطات الثلاث التي تحدث

عن فصلها عن بعضها الفرنسي مونتسكيو إبان الثورة الفرنسية تخفيفا من غلواء تصرفات الملك بفرنسا الذي كان يجمع جميع السلطات بيديه, فجاءت الثورة لتخفف من دكتاتورية السلطة وظلمها الشديد فخففت من سلطات الملك بفصل السلطات الثلاث عن بعضها التشريعية والتنفيذية والقضائية.‏

وتطور العمل الصحفي وانتشار مصداقيته وكشفه عن مواطن الفساد وسعيه لوضع الحقيقة أمام الناس جعل منها السلطة الرابعة المضافة الى السلطات الثلاث في المجتمع, هي محور هذا البحث, فما معنى مهنة الصحافة وما دورها في المجتمع وما المخاطر التي تتعرض لها ويتعرض لها العاملون فيها خلال عملهم الصحفي وخاصة خلال النزاعات المسلحة? هذا ما سيكون مدار بحثنا.‏

في لقاء وحديث أجريناه مع محامي الدولة سمير نصار دراسات عليا في القانون عرف بداية مهنة الصحافة: هي جمع الأخبار والمعلومات وكتابتها وتحريرها وإعادتها والتعليق عليها وإخراجها بوسيلة نشر مقروءة أو مسموعة أو مرئية.‏

المادة 1 من القانون رقم 1 لعام 1989 المتضمن إنشاء اتحاد الصحافيين بسورية والصحافي هو كل من امتهن الصحافة سواء أكان محررا أم مراسلا أم معلقا أم مخبرا أم غير ذلك من أنواع العمل الصحفي التي يحددها النظام الخاص بهذه المهنة.‏

وعن حقوق الصحفي قال: للشخص الذي يمتهن الصحافة الحق في الحصول على الأنباء والمعلومات والاحصائيات من مصادرها وله حق نشرها, ولا يجوز اجباره على نشر مصادر معلوماته, على أن يمارس عمله في حدود القانون الناظم لعمل الصحافة في بلد الصحفي, فليس للصحفي مثلا الاطلاع على معلومات سرية تؤثر على النظام العام في الدولة أو تتعلق بالعمل السيادي للدولة, وليس له نشر معلومات تضر بأمن الدولة وسلامتها وبأمن المجتمع وسلامته, كما أن عليه المحافظة على أسرار مهنته وشرفها وتقاليدها تحت طائلة تعرضه للمساءلة المسلكية والقانونية والتعويض للمتضرر في حال وجوده (حال السرقة الأدبية أو الفنية).‏

وفي سبيل قيام الصحفي بعمله فإنه يتمتع بحرية في الحركة واستقاء المعلومات من مصادرها ليتمكن من أداء رسالته, في ممارسة الاعلام دوره البناء في مجال الرقابة الشعبية على أجهزة الدولة والمنظمات الاجتماعية المختلفة لذلك تحمي الدولة حرية الصحافي وكرامته, ومن باب أولى تحمي حياته, هذا على الصعيد الداخلي.‏

وعلى الصعيد الدولي تتعاون الدول مع الصحفيين وتساعدهم في القيام بعملهم ونقل المعلومات الى الناس من مصادرها ويتجلى تعاونها في تسهيل حصولهم على المعلومات الصحيحة بتسهيل دخولهم الى بعض الأماكن التي فيها هذه المعلومات.‏

لذلك نلاحظ أن أي مسؤول يريد الإدلاء بمعلومات للنشر يدعو عددا من الصحفيين ويعقد مؤتمرا صحافيا يعلن فيه تلك المعلومات ويجيب على الأسئلة التي توجه إليه من الصحفيين والتي غالبا ما تكون ممثلة لما يتساءل به الناس في الشارع.‏

وحتى يحصل الصحفي على المعلومة الصحيحة وفي وقتها المناسب ويتوصل الى السبق الصحفي نلاحظ أنه يدخل الى أماكن الأحداث ويتعرض للمخاطر في سبيل تحقيقه ذلك, وأكثر ما تكون المخاطر التي يتعرض لها الصحفي خلال النزاعات المسلحة بين الدول أو بين الفصائل المتنازعة ضمن الدولة الواحدة, لذلك سمى بعضهم مهنة الصحافة بمهنة المتاعب أو مهنة المخاطر.‏

وأجمعت أغلب نظم العالم السياسية والقانونية على تسهيل عمل الصحفي وتيسير وصوله الى مركز الحدث, لذلك كان للصحافيين معاملة خاصة من جميع الدول, واستمر الأمر كذلك منذ زمن سحيق وحتى الآونة الأخيرة.‏

بدأنا نسمع أخيرا باعتداءات على حياة الصحفيين من بعض القوات المتحاربة وأرى أن ذلك لايعدو كونه تصرفات شخصية من بعض القادة الميدانيين لا علاقة للدول به, لأنني لم أسمع عن دولة لا تحترم هذه المهنة والعاملين فيها, إلا أن ما سمعنا به مؤخرا وما شاع عن اعتقال بعض الصحفيين لأسباب سياسية بسبب مخالفتهم فكر دولة ما وتوجيه تهم سياسية لهم كالانتساب لجمعيات أو هيئات معينة, وهذا ما يخالف المفهوم الأساسي للعمل الصحافي (كما حدث للصحفي تيسير علوني في اسبانيا).‏

والخطر الآخر الذي سمعنا به هو قتل عدد من الصحفيين خلال العمليات العسكرية كالمراسلين الذين قتلوا في العراق, من وجهة نظرك كمحامي دولة ما الحماية القانونية التي يجب أن تمنح لكل صحفي? العمل الصحفي هو عمل مدني لا يرتبط بالعمليات العسكرية بأي شكل من الأشكال ووجود الصحفيين بأماكن وجود العمليات العسكرية هدفه نقل أخبار العمليات وغالبا ما تدعو الدول الصحفيين لذلك, وقد أجمعت قوانين العالم بكافة دوله والاتفاقيات الدولية التي نظمت العمليات العسكرية بين الدول المتحاربة اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولات الملحقة بها على حماية المدنيين وعدم تعريضهم لخطر الحروب والعمليات العسكرية واعتبرت الاعتداء على المدنيين خلال العمليات العسكرية من جرائم الحرب واعتبرت فاعلها مجرما دوليا يستحق العقاب, فعن مؤتمر جنيف لتوكيد وتطوير القانون الدولي الانساني المنعقد خلال أعوام 1974 ولغاية 1977 صدر بروتوكولان في 10/6/1977 متعلقان بالنزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي والنزاعات المسلحة الداخلية ضمن الدولة الواحدة تضمنا الانتهاكات الجسيمة التي تعتبر جرائم حرب, وتمت زيادتها فيه من تسعة انتهاكات كانت في اتفاقية جنيف لعام 1949 الى عشرين انتهاكا وأطلقت عليها تسمية جرائم حرب ومن هذه الجرائم وأهمها:‏

1-جعل السكان المدنيين أو الأفراد المدنيين هدفا للهجوم والصحفيين كما نعلم من السكان المدنيين الذين تقتضي مهنتهم وجودهم في أماكن العمليات العسكرية.‏

2-شن هجوم عشوائي يصيب السكان المدنيين أو الأعيان المدنية مع توفر العلم بأن هذا الهجوم سيسبب خسائر فادحة في الأرواح أو اصابات للأشخاص المدنيين أو أضراراً للأعيان المدنية.‏

3-جعل أحد الأشخاص هدفا للهجوم مع توفر العلم بأنه خارج المعركة عاجز عن القتال وأرى أن العجز لا يعني الجرح أو الاصابة في المعركة فقط وإنما من ليس لديه سلاح والمدني الذي لا يرتبط بالقوات العسكرية المتحاربة يعتبر عاجزا عن القتال أيضا.‏

4-الاستعمال الغادر للعلامة المميزة للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أو الأسد الأحمر أو الشمس الحمراء وهي علامات معترف بها للحماية, لأن حامليها مهمتهم الأساسية مساعدة الجرحى والمصابين.‏

بالطبع هذه ليست كل الانتهاكات التي تشكل جرائم حرب وإنما ما يتعلق بموضوع حديثنا عن حماية الصحفيين,ونعلم أيضا أن من يرتكب هذه الأفعال خلال العمليات العسكرية يعتبر مجرم حرب ويمكن إحالته الى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب التي تم إنشاؤها في روما والتي يتحاكم أمامها عدد كبير من الأشخاص لما ارتكبوه من جرائم خلال العمليات العسكرية أو بحق مواطنين (كالرئيس اليوغسلافي ميلوسوفيتش وكبار ضباطه).‏

وأرى: في ختام هذه العجالة أن تدخل أحكام هذه البروتوكولات والاتفاقات الدولية الموقعة من الدول في صلب قوانينها الداخلية أيضا اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولات الملحقة بها حتى عام 1977 اتفاقيات لاهاي منذ 1907 وحتى آخرها وما صدر عن مؤتمر الخبراء المنعقد في 23 و25/9/1997 تحت ظل الجمعية العامة للأمم المتحدة وأن تفرض على مجرمي الحرب الذين يعتدون على المدنيين ولا سيما الصحفيين العقوبات الرادعة لتبقى كلمة الحق عليا ولتبقى الصحافة مهنة كشف الحقيقة وإيصالها للناس.‏

تعليقات الزوار

حوبه عبد القادر |  abdelkaderhouba@hotmail.com | 25/08/2007 10:15

السلام عليكم ،في البداية أود أن أشكركم على الاعتمام بهذا الموضوع وأطلب منكم أن تساعدوني في القيام ببحث هذا الموضوع للأنني أقوم حالياً بدراسة الحماية الدولية للصحفيين ووسائل الاعلام في مناطق النزاع المسلح .( رسالة ماجستير جامعة باتنة - الجزائر)

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية