تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ندوة..عبد الله عبد بين القصة والرواية والحياة الأدبية

ثقافة
الثلاثاء 22/11/2005م
لمى يوسف

هناك في دورةٍ

لخريفٍ بعيد‏

أطلّ لينشر عطر البنفسج‏

لكن ظلاً كفوهة جرفٍ‏

سحيق يحوّم فوق الليالي‏

ويملأ أجفانها‏

بالبكاء...‏

بهذه الكلمات بدأت الشاعرة مناة الخير مداخلتها عن الكاتب عبد الله عبد خلال الندوة التي أقامها المسرح القومي باللاذقية وذلك تكريماً لهذا الكاتب المبدع..‏

متابعة‏

في أحد بيوت اللاذقية المطوية الأضلاع على الفقر. والكرامة المفتوحة النوافذ على الحلم والعلم ولد عبد الله عبد في تشرين الثاني 1928 وأمضى طفولته ويفاعته في ذلك البيت الذي يشبه الكثير من بيوت اللاذقية.. لينخرط في العمل مبكراً بعد نيله الإعدادية فعمل بداية في التعليم ثم انتقل فيما بعد الى مرفأ اللاذقية ليفتح عين وعيه على البؤس والحرمان والحقوق المسلوبة للعمال فغدا واحداً من الينابيع الهامة في العديد من قصصه.. ويستأنف دراسته الثانوية والجامعية بعد أن انتقل للعمل في التبغ, ويحصل على إجازة الفلسفة التي زادت من آفاق روحه التواقة للمعرفة والحق والعدالة لكنها لم تغير شيئاً من واقعه الوظيفي فظل يعمل في مستودع التبغ بقلب أثقلته هموم المحرومين وأوجاع الجائعين فخذله سريعاً وتوقف في أيلول ..1976 مات عبد الله عبد عن عمر قليل بسنواته كثير بعطائه فترك ثمان وثلاثين قصة وأربعين قصة للأطفال ورواية واحدة نشرت بعد رحيله..‏

وتضيف: إن عبد في كل ما كتب ينتقل بين الواقع حيناً والرمز أحياناً كما يدمجهما في بعض القصص في أنساق متقنة. ولكن يظل الواقع المقتطع في أكثر الشرائح الاجتماعية بؤساً منطلقه ومنتهاه ففي مجموعاته الثلاث /موت البنفسج, النجوم, السيران ولعبة أبناء يعقوب../ تغلب القصص الواقعية على غيرها وخاصة في الأولى والثانية ويظهر في تلك القصص تماهيه مع أبطاله كمثل المتشرد والبائس الذي يبحث عن عمل في يوم شتائي قارس ويجوب المدينة من أقصاها الى أقصاها دون جدوى..أما في /العربة والرجل/ حيث يموت حماره /فهيم/ ويتركه مع عربته البائسة في طلعة الطابيات.. كما نراه في المستخدم المعدم الذي يعمل في مؤسسة التبغ وسيف التسريح مسلط على رأسه لأنه غير مثبت في عمله.. وهذا الموظف الصغير الذي يحلم بجلسة رفاهية في مقهى الشباب حيث كوب الشاي مع النرجيلة ولكن الحلم يتبخر أمام طلب أحد الأبناء بتذوق الكرز.‏

الرواية‏

تناول الروائي والناقد نبيل سليمان في مداخلته (عبد الله عبد من القصة الى الرواية) واشار في بداية حديثه ان الكاتب عبد لم يكتب سوى رواية /الرأس والجدار/ والتي صدرت بعد رحيله 1977 عن منشورات وزارة الثقافة...ويوضح ان بطل عبد الله عبد في هذه الرواية احمد عامل في الميناء عائد للتو من الخدمة الالزامية وقد سبقه زميله في العمل بالجيش ابراهيم, ووالد احمد مبلط لكنه مريض وليس على احمد بعد ان تحط قدمه في البيت الا ان يتجه الى الميناء بحثا عن العمل واللقمة وكذلك ابراهيم .منذ البداية يبدو احمد محقونا طبقيا وعلى درجة لا بأس بها من الوعي فقد تلقى قسطا من التعليم قبل عمله مظهرا فيما بعد العامل كمثقف ثوري....‏

ويتابع: يخالف عبد من ناحية اخرى في هذه الرواية الاطروحة الاثيرة لدى اغلب الذين كتبوا كثيرا او قليلا عن الطبقة العاملة والطبقات الدنيا عامة .فالوعي يأتي من خارج الطبقة ولا يكاد يشذ عن ذلك سوى حنا مينة...في /الرأس والجدار/ يأتي الوعي عن طريق العامل محمد الطفران والعامل الملقب بالدكتور حيران فيفعل الوعي فعله في صفوف عمال الميناء الذين وجدوا ايديهم فارغة من المكاسب بعد ان احتكرها ارباب العمل الجدد والوارثون من رفاقهم السابقين .ان الخبرة والامر كذلك لايمكن ان تتكون او تتراكم بالممارسة الذاتية وتتفاعل جدليا مع معطيات اخرى من خارج الطبقة بل ان اللقاح يأتي من الخارج ويزرق زرقا...ليسترسل في مجريات الرواية الى ان يخلص الى القول لا تبدو التقنية التقليدية البسيطة التي قدمت هذه الرواية في مستوى عالمها الزاخر اما الشاعر والناقد د.وفيق سليطين فتحدث عن عبد الله عبد في مثلث اللغة والقوة والتراتب الاجتماعي (فيقول: تسم كتابة عبد الله عبد مفارقة اساسية كبرى تتصل باللغة التي تنجلي في ازدواجها وانقسامها وتقابلها الضدي بين الفردي والمؤسسي وبين التحرير والتبرير وبين الابداع والاخضاع في المستوى الاول تكشف كتابة عبد الله عبد في طبقاتها العميقة عن القران النسقي الذي يؤلف بين اللغة والقوة والتراتب الاجتماعي هذا الثالوث الذي تجلوه الكتابة القصصية عنده في تعاضد وتكامل وظائفه واتساق ادواره والتحاقها معا في الاطار المؤسسي الذي يكفل النظام الاجتماعي السائد ويجدد دورته,ويرسخ علاقاته,ويجريها,بقوة الصيانة والتعزيز ,مجرى الناموس الطبيعي فيخفي ما تقوم عليه وتنتجه من حقائق التشويه والاستعباد والتسلط ...ان اللغة اذاً تفرض منطق النظام الاجتماعي المتكافلة معه وتعممه وبذلك فهي تحدد لكل منا موقعه في طبقات هذا البناء وتحشره فيه.وعلى هذا الاساس يجري توزيع الكتلة اللفظة في القصة على مراتب المتكلمين ,انطلاقا من تفاوت حظوظهم ومكاناتهم. فهناك من يستأثر بسلطة اللغة وتوجيه الخطاب في مقابل من يخضع وينسحب الى هوامش القول فلا يبقى له من الثروة المشتركة برأس مالها الرمزي سوى المفردات المنصوص عليها في قاموس الخضوع والامتثال ففي قصة /الامل/ من مجموعة السيران ولعبة اولاد يعقوب/ يلاحظ ان الشخصية المحورية الحاضرة بعزم العطالة والاستلاب والتهميش,تنسحب من دائرة الكلام انها تتلقى فقط وتغدو آلة للتنفيذ..... في نهاية الندوة عرض فيلم سينمائي بعنوان /الفهيم/ وهو عن قصة /العربة والرجل/ لعبد الله عبد من سيناريو وحوار الروائي والناقد نبيل سليمان اخراج محمد اسماعيل آغا وتمثيل الفنان المبدع غسان مسعود... والجدير بالذكر انه في بداية هذه الندوة أوقدت حفيدة الكاتب عبد الله عبد شمعة وفاء لروح كاتبنا المرهف.....‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية