تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في معرض بهرم حاجو.اندفاع كامل نحو مظهر التلوين الوحشي

.المؤلف: أديب مخزوم‏

المكان:‏

المصدر:‏

التصنيف: ثقافة‏

التاريخ: الثلاثاء 22/11/2005م‏

الرقم: 12865‏

الملخص: يثير معرض الفنان السوري المغترب بهرم حاجو الذي يقام في غاليري اتاسي في دمشق,‏

أكثر من سؤال, وذلك لأن الارتجال الذي يجسده في حالات التلوين والتكوين, يبعده مسافات عن الاشارات الواقعية المباشرة, وعن الرؤى التصويرية الحالمة الحاملة مسحة شاعرية ورومانسية.وهو من هذا المنطلق يرسم الوجوه والأشكال الانسانية والصامتة وعناصر الطبيعة مرتكزاً على لمسة عفوية وتلقائية وسريعة تثبت ما يسمى فنياً بالصياغة التعبيرية الانفعالية المرتبطة في الباطن والظاهر بإيقاعات لونية عنيفة تعصف وبشكل ملتهب بحركة الأشكال المرسومة, لتسجل في النهاية إيقاعات اللون الصاخب بحركة عفوية أشبه بالارتجال الذي تثيره الخربشات البدائية والطفولية.‏

هكذا تبرز اللوحة مستلهمة ومستفيدة ومستوحية إيقاعات جمالية قريبة من عوالم الاتجاهات التشكيلية الأوروبية والتعبيرية الألمانية الحديثة, حيث اللمسة اللونية المتحررة تعكس وهج الألوان الوحشية بإيقاعاتها الحية المفتوحة على كل احتمالات التدمير والتخريب الشكلي الواقعي, بحيث تظهر تقنيات الاستواء والتقعير والسطوح النافرة في فراغ السطح التصويري بطريقة انفعالية, وافتعالية أحياناً, الشيء الذي يثير المزيد من التساؤلات وعلامات الاستفهام في أوساط المشاهدين.‏

فالحركة اللونية الارتجالية المنسابة والمتشابكة والمقروءة في العديد من اللوحات المعروضة, تبرز كمعادلة جمالية يعود تاريخها الى النصف الأول من القرن الماضي, لأننا إذا بحثنا عن ملامح اختبارية جديدة, قد لا نجد سوى بعض الاشارات القائمة على إمكانية الاستفادة من بعض الاختبارات التقنية في خطوات البحث عن مناخات تعبيرية جديدة وخاصة.‏

وإذا حاولنا تحديد خطوط علاقة هذه التجربة بالذات الفنية فإننا نجد الملامح التالية:‏

فهو يدخل لوحته في أحيان كثيرة في إطار صياغة تعبيرية متحررة أقرب ما تكون الى التعبيرية الانسانية, لكثرة ما يرتفع من مستوى التعبير المأساوي.‏

فمن الناحية التشكيلية يرسم الأشخاص داخل فضاء اللوحة (الجلسة الواحدة يكررها أكثر من مرة حتى في اللوحة الواحدة أحياناً) ثم يعمد الى طلي الوجوه والأجساد بعاصفة من الألوان الوحشية الصاخبة الموضوعة بلمسات فرشاة عريضة تقطع اللون في أحيان كثيرة باستقامة كاملة أمام العين.‏

بهرم حاجو الذي سبق وعرفناه من خلال معرض خاص أقامه في صالة دمشق خلال العام 1993 يبدو في معرضه الجديد أكثر انفلاتاً من مرتكزات صياغاته السابقة, وبالتالي يبدو أكثر انفعالية في خطوات تجسيد التشكيل التعبيري المأساوي الذي يقتنص ملامح الوجوه المعذبة والحزينة والمنكسرة والضائعة. كأنه يريد من خلالها التعبير عن عالم أزمات الحاضر التكنولوجي في المدن, الاستهلاكية الممكننة, حيث كل شيء يعيش على وتيرة الحياة المبرمجة في ذاكرة العقول الالكترونية.‏

في مجموعة أخرى من لوحاته يتناول بهرم حاجو موضوع الطبيعة المستعادة ربما من مخزون الذاكرة الطفولية. فالطبيعة في لوحاته تتفاوت ما بين الاستعانة بما حفظته الذاكرة, والاستيحاء من مصادر فنية أوروبية حديثة تعبيرية ووحشية. الحقول والأنهار والأشجار والجبال وفسحة السماء, ليست صورة وصفية عن الطبيعة المحلية المستعادة من تداعيات الذاكرة, ولكنها أقرب الى رموز تشكيلية تعبيرية تتجسد عبر مساحات لونية مبسطة تظهر من خلالها اللمسات الوحشية بشكل واضح, فالجبال حمراء والسهول صفراء وبيضاء والأشجار سوداء داكنة.‏

واللطخات اللونية الصريحة الموضوعة على اللوحة هنا,لا تستوعبها عين المشاهد العادي بسهولة, ولا تألف جمالياتها ومعانيها. اللوحة هنا تحتاج على الأقل الى حساسية بصرية وروحية عالية للنفاذ الى أعماقها واستشفاف جمالياتها بخلاف اللوحة الواقعية الاستهلاكية التي تفهمها عين المشاهد العادي وتألف رموزها وألوانها وتفاصيلها الجاهزة.‏

وفي استخدامه للتقنيات المختلطة يحاول حاجو إظهار جمالية تداخل السطوح المعبرة عن روح الفنون الحديثة, حيث يجنح العمل في أحيان كثيرة نحو مظهر إبراز نسيج القماش الخام, في انحيازه الواضح نحو ترك مساحات من قماش اللوحة بدون تلوين. وهكذا تنحاز الرؤية البصرية اكثر فأكثر نحو اشراقة الداخل الحامل مظهر عبثية التشكيل, وذلك لإعطاء السطح التصويري المزيد من الإضاءات الجمالية المعاصرة, وكذلك في محاولة لإيجاد توازنات تجمع بين الاشارات العقلانية (الصياغات التي تحقق نسبة معينة من التكوين المدروس) وبين الاندفاعات العاطفية والانفعالية (المقروءة في حركات اللون العفوي) المشبع بدينامية الحركة السريعة للمسة أو للطخة اللونية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية