ما أحلى الهدية لكل الأعمار.. إن فيها من الحب والتكريم ما يشبه السحر أحياناً. وغالباً ما تبقى ذكرى جميلة تعبق بالعطاء والمحبة ومعان أخرى حسب الحالة والظرف والهدية. من هنا يتجوهر معنا وبشكل أوضح معنى التكريم وضرورته. وفي كل مراحل العمر ومن مختلف الأطراف والجهات والأفراد.
والتكريم إلى ذلك ثقافة نزرعها فتزهر وما أجمل أزهارها ويذكرنا ذلك بفصل الربيع هذه الأيام حيث تزهر الطبيعة في أحضان بلادنا، فتزهر نفوسنا اغتناء بمناظرها. ثم بعد ذلك تثمر هذه الثقافة النبيلة وتنتشر وتتزايد وأقصد هنا أن ثقافة التكريم تتزايد بسبب أن التكريم نفسه قد أثمر عطاءات ونشاطات وأعمالاً وإبداعات في كل مجال ومكان وزمان.
ولكي نخرج من التنظر ولا نتهم به، أسارع فأقول: لقد كان عندنا معهدان كبيران ورسميان ويتبعان إلى وزارة الثقافة والمهمة الرئيسية لهذين المعهدين كانت هي التكريم، وهو تكريم سنوي مع جوائز واحتفالات والمعهدان هما: المعهد العالي للآدب والفنون، والمعهد العالي للعلوم.. وكان هذان المعهدان يجوسان.. يراقبان بأعين الحرص والمحبة والاخلاص في كل محافظات القطر.. في كل أريافه وأطرافه عن أي تفوق أو بروز أو تطوير، ليقوم المعنيون بهذا المجال وهم عادة من كبار المختصين في مجالهم، بالدراسة والتحليل والاقتراح ثم بعد ذلك لدخول المسابقات.
إنها حقيقة ثقافة الصادقين!.. ونتيجة ذلك كنا في كل عام وفي الوقت المحدد ننتظر ذلك الإعلان التكريمي عن أسماء الفائزين ثم الاحتفال بهم. إنها كآلة تشجع العاملين في كل المجالات، تحث وتحرض، ثم تأتي بعد ذلك وتشجع وتكرم. آلة ثقافية وإبداعية تعمل في حياتنا طوال العام حتى نحصد في النهاية هذه الجوائز والتكريم. لقد كان هذان المعهدان، هما الذراعان القويان لوزارة الثقافة في ذلك الزمان!.
ولم يكن التكريم يقتصر على ما أسلفنا وحسب وإنما كان يشمل مختلف المجالات، وكمثال، وصلنا خبر ذات مرة أن عاملاً في معمل «الكابلات» اخترع شيئاً مهماً وعلى الفور جرى تكريمه. شابة ريفية أبدعت في رقصة مع فرقة الفنون الشعبية فجرى تكريمها ومنحت جائزة. وكان هناك تكريم للعمال المتفوقين وكان التلفزيون يكرم، وكانت الاذاعة تكرم، والنقابات والوزارات والمدارس، وقد دعاني ذات مرة أحد الأصدقاء لحضور تكريمه من خلال زملائه الأساتذة في المدرسة، وحضرت مرة حفل تكريم للأم المثالية في إحدى الثانويات وهنا النصيحة أن تعود ثقافة التكريم إلى حياتنا وفي كل المجالات فهي الزوادة التي تشكل الإرادة ليعمل الإنسان ويقدم الخدمات بأقصى وأصدق ما يستطيع لحياته وأسرته ومجتمعه الخاص والعام أيضاً!..