يهدف إلى تمكين اللغة العربية حاضنة الأمة العربية ويؤكد اهتمام سورية بلغتنا لغة أساسية لقوميتنا، وهذا ما أكده أيضاً الدكتور محمود السيد رئيس لجنة التمكين للغة العربية خلال الملتقى وأضاف: إن لغتنا العربية هي الموحدة للعرب رغم جراحات التجزئة العميقة وذلك بسبب حيويتها ومرونتها وخصوبتها وقابليتها للتجدد والتطور مع مختلف العصور التي مرت بها الأمة فهي ذات اللغة التي نشطت في الترجمة والتعريب ونقلت حضارات الأمم من فارسية وهندية ويونانية، ولفت إلى أن القيادة السياسية تدعو على الدوام إلى إيلاء الاهتمام بلغتنا العربية وتشجع على انتشارها سليمة على جميع الصعد ورمزاً لوجودنا وانتمائنا وكياننا القومي ووسيلة لفهم تاريخنا وعقيدتنا ومسيرة حضارة أمتنا، موضحاً أن لجنة التمكين للغة العربية التي شكلها السيد الرئيس بشار الأسد بموجب القرار رقم /4/ لعام /2007/ هي لجنة لإنجاز خطة عمل وطنية تستهدف التمكين للغة العربية والحفاظ عليها والاهتمام بإتقانها والارتقاء بها وهذه اللجنة تتابع حالياً خطوات العمل التي وضعتها وقطعت أشواطاً مهمة في مجال عملها، حيث قامت مؤخراً بإحداث لجان تمكين في الوزارات المعنية وفي المحافظات وإلقاء محاضرات في مجال التوعية اللغوية في المراكز الثقافية والجامعات والنقابات والأندية والجمعيات إضافة إلى عقد دورات تدريبية للعاملين في بعض الوزارات والمحافظات لتدريبهم على استعمال اللغة العربية السليمة وأسلوب التراسل وإجراء مقابلات ولقاءات إذاعية وتلفزيونية ونشر زوايا صحفية ومقالات في مجال التوعية اللغوية وإسهام بعض الجمعيات الأهلية والمنتديات في عملية التوعية اللغوية.
التحديات التي تواجه اللغة العربية
وأشار إلى التحديات التي تواجه اللغة العربية كالأمية وسيطرة اللغة الانكليزية على نطاق الساحة العالمية والوطن العربي، لافتاً إلى أن كل الأمم تدعو للتعليم بلغتها الأم فكيف نسمح لأنفسنا في الوطن العربي أن ندعو إلى التعليم باللغة الأجنبية، ضرب لنا مثالاً عن الإمارات العربية حيث إن 50٪ من مقررات مناهج التعليم تدرّس باللغة الانكليزية ومنها ما هو في قسم اللغة العربية، حيث إن مقرر النقد المقارن والحضارة وتاريخ الأدب العربي كلها تدرّس باللغة الأجنبية، حتى في كل دول الخليج تجد أن إعلانات التوظيف والمناقشات في الجامعات والمؤتمرات التي تعقد كلها تستخدم اللغة الانكليزية.
وما يدعو للأسف أيضاً أن اللغة العربية مهملة من العرب أنفسهم حيث إنها تندرج ضمن اللغات الست في هيئة الأمم المتحدة ورغم ذلك تجد العرب أنفسهم يستخدمون لغات أجنبية من هنا جاءت كل المحاولات لإبعادها.
كما تجد أن الجامعات الغربية (الأميركية والأوروبية) تواجه اللغة العربية الفصحى وتدعو للتدريس بالعامية في الأقسام المخصصة للعربية ولأبناء الجالية العربية وتحث على استخدام اللهجات وقسمّتها كالتالي: لهجة وادي النيل، لهجة المغرب العربي، لهجة بلاد الشام، لهجة الجزيرة العربية وهو ذات التقسيم للوطن العربي الذي يدعو لتفريق أبناء الأمة العربية الواحدة، إضافة إلى أن هذه الدول التي تحارب العربية الفصحى تقوم بتمويل كافة الأبحاث التي تعنى بالعامية وتبتعد عن الفصحى.
كما نلحظ محاربة العرب ولغتهم من خلال بعض التسميات والمصطلحات التي تطلقها الدول الغربية وتحرص على ألا تذكر كلمة العربية فيها مثل /الشراكة الأوروبية المتوسطة والشرق الأوسط الكبير/ يريدون من خلال ذلك إلغاء كل ما يمت للعروبة بصلة.
وأكد الدكتور محمود السيد أن تمكين اللغة العربية هو مسؤولية الجميع ولا يقتصر على وزارة التربية أو الإعلام أو الثقافة وحدها.
الفكر القومي للعربية فكر إنساني
من جانبه أوضح الدكتور /سهيل ملاذي/ عضو لجنة التمكين للغة العربية أن اللغة العربية تتعرض لكثير من التحديات وأخطرها العولمة التي تمارس عدوانية تجاه العرب لذا نجد الغزوات الثقافية تأتي من كل حدب وصوب وما يسوء في الأمر هو انقياد الكثير من العرب لها حيث تستهلك مناهجنا وثقافتنا وتاريخنا، ونعمد إلى استيراد المصطلحات الغربية التي تلاحظ شيوعها في التخاطب العام بالكلمات الأجنبية وللأسف نجدها في الإعلام والأدب وكافة مناحي الحياة.
ثم عرض الدكتور ملاذي للصراع الذي واجهته وتواجهه اللغة العربية مؤكداً أننا نحن من خلق بذور الفكر القومي في وطننا، والتعصب والعنصرية الموجودان في الفكر القومي الغربي نحن بعيدون كل البعد عنه، فقوام فكرنا هو الايمان بحرية وديمقراطية ومبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الناس من هنا تأتي إنسانية وقومية فكرنا العربي الذي تحتضنه اللغة العربية، اللغة التي استطاعت أن تكتب تاريخ العالم والتراث العربي بلغة سليمة وقومية بما تتمتع به من مرونة وقدرة على الاشتقاق فهي قادرة على أن تمارس دورها الحقيقي وتتصدى لكل التحديات التي تستهدف طمسها والإقلال من أهميتها، وأشار الدكتور الملاذي إلى أهمية تطبيق الخطة الشاملة للثقافة العربية حيث إن المنظمة العربية للثقافة والعلوم أصدرت خطة شاملة للثقافة العربية 1985، لقد وضعت هذه الخطة الثقافة العربية في إطارها القومي والعربي ضمن سبعة محاور تشكل عناصر عضوية مترابطة لمشروع قومي حضاري كبير تحقق التوازن بين قيم الحركة (التجديد) وقيم الثبات (المحافظ) بحيث توفق بين فريقين، فريق يخاصم الماضي وفريق يخاصم المستقبل، وبالتالي توفق بين حاجة الفريقين وتتصدى لكل ما يواجهها، ودعا إلى ضرورة تطبيق هذه الخطة وتركزت مداخلات الحضور حول أهمية اللغة العربية وضرورة تكريسها في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وفي الإعلانات والمسلسلات وكافة المراسلات والندوات وغيرها، إضافة إلى أّهمية تنمية لغة الطفل منذ مراحل الدراسة الأولى ومتابعة ذلك على مدى المراحل الدراسية والجامعية وفق استراتيجية واضحة ومدروسة.