فمصارفنا اليوم لا زالت في وضع جيد نسبياً مقارنة ببقية مصارف المنطقة، وأن الثقة التي تزعزعت قليلاً عادت الى عهدها مطلع العام الحالي وذلك على عكس المصارف والأسواق المالية العربية التي يمكن أن يتأخر انتعاشها الى ما بعد عام على الأقل! وشكّلت سيولة المصارف السورية السد المنيع في تسرب الآثار السلبية الى القطاع المصرفي، كما لعبت التسليفات المصرفية السورية وتوزع الودائع في القطاع خط الدفاع الأول. وتتوزع ودائع القطاع المصرفي كالآتي: التسليفات للقطاع العام أى القروض المصرفية للدولة، والتسليفات الموظفة في تمويل القطاعات الاقتصادية المختلفة وهو ما يعرف بالتوظيف في الحركة الاقتصادية أو إقراض القطاع الخاص من (الزراعة الى الصناعة والتجارة والخدمات والبناء والقروض السكنية والفردية).
ويذهب أركان القطاع المصرفي والمالي الى أبعد من ذلك بالحديث عن مناعة القطاع المصرفي، ويساند هذا الموقف آراء مديري المصارف الخاصة الذين أكدوا ارتياحهم الى أداء القطاع في ظل تداعيات الأزمة فضلاً عن نسب النمو المحققة في الودائع والأرباح خلال الربع الأول من العام بسبب التحويلات الخارجية في إشارة أن المرجع الأول والأخير في أي نظام مصرفي هو مصرف الدولة المركزي الذي يقوم في حال شعوره بأي نوع من المخاطر المنظوماتية بالتوجه لجميع المؤسسات المالية المعنية لاتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة أي أزمة محتملة.
وكشف مدير بنك عودة «عن حركة تحويل كبيرة في الودائع من الخارج باتجاه مصارف المنطقة باعتبار أن الأخيرة لا زالت بدائية الى حد ما مشيراً أن أرباح مجموعة عودة سجلت نمواً خلال الربع الأول من العام فاقت الفترة ذاتها من العام الماضي».
ويتخوف المراقبون من أن الأزمة المالية قد اتبعت نفس ذلك المسار الذي سلكته الصدمة الأولى التي نجمت عن انهيار سوق الرهن في وقت مبكر من العام الماضي، فقد بدا القطاع المصرفي للوهلة الأولى وكأنه غير معني بالأمر قبل أن يتضح لاحقاً أن الأمر لم يكن بهذه البساطة في إشارة الى السلبيات والخسائر المختبئة في ميزانيات عدة بنوك سوف يستغرق الأمر بعضاً من الوقت حتى تتكشف أمام الأعين! لكن يبدو الوضع مختلفاً بالنسبة للمصارف الاسلامية فهي في طبيعة عملها لا تتعامل مع السندات والفوائد ولا تدخل بالمضاربات مما جعلها في منأى عن الأزمة التي حصلت، فاستثمارات البنوك الاسلامية ناتجة إما عن عمليات تبادل السلع عن طريق المرابحة أو أنها تمتلك السلع وتقوم بعملية تأجيرها تأجيراً استثمارياً أو تقوم بعمليات صكوك ناتجة عن عمل ما.
ويؤكد مدير بنك سورية الدولي الاسلامي عبد القادر دويك «أن استثمارات المصارف الاسلامية داخل الأراضي السورية أدى الى حمايتها وعدم تعرضها لأي مشكلات فضلاً عن أن عملياتها في الخارج تتم مع بنوك إسلامية أخرى وهي بنوك تجارية ونادراً ما تتعامل مع بنوك استثمارية باعتبار أن ضوابط مصرف سورية المركزي تحدد الحد الأقصى لاستثمارات البنوك».
وبالرغم من ذلك لم يخفَ الدويّك تخوفه من تردد البنوك الاسلامية خلال الفترة المقبلة في تمويل العمليات المتوسطة والطويلة الأجل نتيجة الحذر والقلق الذي تولده الأزمة مع الإشارة أن عمليات توزيع الاعتمادات التي تتبعها المصارف الاسلامية متوازنة قطاعياً نسبة لحجم الصناعات والأفراد المستفيدين الأمر الذي يساهم كثيراً في التخفيف من المخاطر.»
إذاً الى اليوم لم يسجل القطاع المصرفي السوري خسائر تذكر.. هذا يشجع الأخير بالتوجه أكثر نحو الإقراض الداخلي، ورفع رساميل المصارف، في المحصلة فإن الانعكاسات الايجابية اللازمة تبقى أكثر من السلبيات في حال استثمارها انطلاقاً من لجم التضخم، وكلفة العجز التجاري مع التفاته الى القطاعات الانتاجية، لأن السيولة المتوافرة باتت تشكل عنصراً جاذباً للرساميل والتوظيفات التي تبحث اليوم عن الاستقرار المالي!