سواء من جهة ترجمة المصالحة والتضامن العربي الذي كان عنوانا للقمة على ارض الواقع من خلال الاجواء الايجابية التي وصل اليها الوضع العربي او لجهة دعم القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في السودان ولبنان نتيجة الدور النشط للرئيس بشار الأسد رئيس القمة العربية.
وتوجت فترة رئاسة سورية للقمة ببدء المصالحة العربية والسعي للتغلب على الخلافات التي شهدتها الساحة العربية خلال المرحلة الماضية بهدف تفعيل العمل العربي المشترك وتحقيق التضامن العربي والارتقاء بالعلاقات بين الدول العربية للقيام بواجباتها تجاه القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية حيث اكد الرئيس الأسد ضرورة العمل باستمرار على حل الخلافات العربية والاتفاق على منهج موحد للسياسات العربية في مواجهة القضايا الاساسية التي تواجه الامة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية لأن التباين في المواقف عائد بالدرجة الاولى إلى تباين التقديرات للدوافع الحقيقية التي تكمن وراء التطورات السياسية وخاصة الاقليمية ولا يعكس تناقضا في المصالح.
وكانت زيارات الرئيس الأسد إلى كل من الامارات العربية المتحدة والكويت في شهر حزيران الماضي والى قطر خلال شهري تموز وكانون الثاني الماضيين وفي 16 من الشهر الجاري والى السعودية في الثالث عشر من الشهر الجاري بهدف دفع العلاقات العربية وتعزيز مناخات العمل العربي المشترك واستمرار التشاور والتنسيق بين الدول العربية حيال القضايا التي تهم الامة العربية في ضوء تولي سورية رئاسة القمة العربية العشرين.
ولعبت سورية دورا مهما في تحقيق التقارب الفلسطيني ودعم الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ومقاومته الصامدة امام العدوان الاسرائيلي الغاشم على الاطفال والنساء والشيوخ حيث اكد الرئيس الأسد خلال استقباله للقوى الفلسطينية ضرورة بذل اقصى الجهود لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال الحوار الفلسطيني الشامل معتبرا ان اللحمة الفلسطينية هي السبيل الوحيد لنيل حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته لاقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وواصل الرئيس الأسد تحركه المكثف طوال الايام التي تعرضت فيها غزة لأشرس عدوان اسرائيلي نال الحجر والبشر لوقف العدوان عليها من خلال استقباله رؤساء كل من السودان واليمن وفرنسا والمبعوث الخاص للرئيس الروسي والامين العام للامم المتحدة ووزيري الخارجية الاسباني والبرازيلي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان القبرصي ورئيس مجلس الشورى الايراني ورئيس اتحاد البرلمانات الاسيوية ووفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورؤساء المؤتمرات والاتحادات والمنظمات العربية ووفود حزب المحافظين البريطاني ومعهد الولايات المتحدة للسلام والكونغرس الاميركي والاتصال وتلقي الاتصالات والرسائل من ملك البحرين وامير قطر ورئيس جمهورية روسيا الاتحادية والرئيس التركي ورئيس الوزراء التركي والرئيس الفرنسي ورئيس جزر القمر ورئاسة الاتحاد الاوروبي ورئيس وزراء اسبانيا حيث اكد سيادته ضرورة تكثيف الجهود العربية والاسلامية لوقف العدوان الاسرائيلي على غزة وتعزيز الصمود الفلسطيني ونصرته واهمية حشد تأييد دولي وتحرك عربي موحد وعاجل وممارسة الدول الاوروبية الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها على غزة فورا وفتح جميع المعابر ورفع الحصار وايصال صوت الجماهير المنددة بالجرائم الاسرائيلية إلى الدول والهيئات المؤثرة لوقف العدوان على غزة.
وجاء انعقاد قمة غزة الطارئة لنصرة الشعب الفلسطيني في الدوحة في 16 كانون الثاني استمرارا للجهد السوري والعربي لدعم الشعب الفلسطيني وعبر الرئيس الأسد عن ذلك بقوله: اننا بعقد هذه القمة نقف مع انفسنا ومع شعوبنا ومع الشهداء من الاطفال والنساء والشيوخ وضد الاحتلال ومع الابطال المقاومين في كل مكان ومصير غزة مصيرنا جميعا وحري بنا ان نأخذ قرارات تنتج افعالا لأن المحرقة الاسرائيلية ستشملنا جميعا كعرب ان لم نخمدها الان، موضحا ان القمة تهدف إلى الوقوف مع غزة وليس للبحث عن تسويات على حسابها وان السلام دون مقاومة مع عدو غاشم سيؤدي حتما إلى الاستسلام.
وكان لسورية دور حيوي وفاعل في التوصل إلى اتفاق الدوحة الذي جرى توقيعه بين اطراف الحوار الوطني اللبناني في العاصمة القطرية في شهر ايار من العام الماضي من اجل انهاء الازمة في لبنان والذي اتاح انتخاب الرئيس اللبناني وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتوصل إلى اعتماد قانون جديد للانتخابات البرلمانية.
ورفضت سورية قيادة وشعبا قرار محكمة الجنايات الدولية بشأن الرئيس السوداني عمر حسن البشير واعتبرت ان هذا القرار هو محاولة لابتزاز السودان وتدخل سافر في شؤونه الداخلية واعاقة للجهود المبذولة لاحلال السلام في دارفور وتقويض لكل المساعي التي تبذل لاستقرار السودان.
وأكد الرئيس الأسد خلال لقائه مستشار الرئيس السوداني في شهر تموز الماضي ان سورية بصفتها رئيسة للقمة العربية ستقوم بكل ما يلزم من اجل الوقوف إلى جانب السودان الشقيق في ضوء ما يتعرض له من مخططات تستهدف امنه واستقراره.
كما تمحورت محادثات الرئيس الأسد مع الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير دولة قطر خلال زيارته الاخيرة للعاصمة القطرية حول توفير عوامل نجاح القمة العربية المقبلة في الدوحة التي ستعقد نهاية الشهر الجاري واكد الجانبان حرصهما على بذل اقصى الجهود لتحقيق التضامن العربي وتفعيل العمل العربي المشترك خدمة للقضايا العربية.
وأكد كبار الشخصيات والوفود الذين زاروا سورية خلال الاشهر الماضية اهمية الدور الذي تضطلع به سورية سواء لجهة موقعها في رئاسة القمة العربية او بما تمتلكه من علاقات اقليمية ودولية والدور المحوري المهم في معالجة القضايا العربية من خلال تنسيقها وتشاورها الدائم ومتابعتها الدؤوبة لتنفيذ قرارات القمة العربية وقمة الكويت الاقتصادية معتبرين ان قمة دمشق اسست لانطلاقة قوية من خلال برنامج العمل الناجح والقرارات التي صدرت فيما يتعلق بالعمل العربي او بالجانب الفلسطيني قضية العرب المركزية.
وتمسكت سورية في جميع المناسبات بموقفها بان التحديات الكبيرة والمصاعب والضغوطات لم تزعزع الايمان بقدرة العرب جميعا على استعادة زمام المبادرة والتأثير الفعلي في مجرى الاحداث عندما يمتلكون الارادة لان ما يصيب بلدا عربيا هو حتما سيصيب البلدان الاخرى اي ان المخاطر التي تهدد الامن القومي العربي هي مخاطر واحدة للجميع دون استثناء.
وكان اعلان دمشق الصادر عن القمة العشرين اكد الالتزام بتعزيز التضامن العربي بما يصون الامن القومي العربي والعمل على تجاوز الخلافات العربية من خلال الحوار الجاد والمتعمق وتلافي اوجه القصور في بعض جوانب عملنا العربي المشترك وتغليب المصالح العليا للامة العربية على أي خلافات او نزاعات قد تنشأ بين أي من البلدان العربية وهذا ما سعت سورية خلال رئاستها للقمة العربية لانجازه وحققت نجاحات كبيرة ستكون قاعدة ومرتكزا اساسيا لنجاح قمة الدوحة واستكمال ما بدأت به قمة دمشق سواء على صعيد المصالحات العربية او لجهة تفعيل العمل العربي المشترك في جميع المجالات.
وسورية اذ تسلم رئاسة القمة العربية اليوم إلى دولة قطر ستبقى كما قال الرئيس الأسد في الجلسة الختامية للقمة العربية العشرين بدمشق في قلب العالم العربي وفي قلب العمل العربي المشترك من خلال رئاستها ومن دون رئاستها للقمة وفي اي موقع اخر وستبقى ركيزة اساسية في الحفاظ على ثوابت امتنا العربية.