لكن ما جرى هذا العام انه مع بداية الربيع سقطت أمطار تراوحت بين الخفيفة والمتوسطة في أغلب مناطق البلاد وهبت رياح شديدة تلفح الوجوه ببرودتها في المدينة ومثيرة للغبار في المناطق الصحراوية، وقد وصلت هذه الحالة إلى كثير من مناطق الشرق العربي والجزيرة العربية، وكاد الناس أن ينسوا بعض الدفء الذي نعموا به في أربعينية الشتاء الذي لم يكن قاسيا هذا العام،وقد دفعت هذه الحالة الجوية إلى أن يتذكر الناس القول الموروث: (خبي جمراتك الكبار لعمك آذار ).
ومن يعرف التقويم المناخي الموروث في بلاد الشام لا يعجب مما جرى من تقلبات مناخية، لأنها موجودة في صلب التقويم.
وهناك أقوال تسمي الرياح التي شهدناها باسم الرياح اللواقح، وهي المذكورة في سورة الحجر (وأرسلنا الرياح لواقح ) ، مع اختلاف في معنى اللواقح، فمنهم من يرى أنها تلقح السحاب فينزل المطر ومنهم من يرى أن المقصود تلقيح الأشجار والأزهار، وما شهدناه في هذا العام يمكن أن يكون دليلاً وحجة لأصحاب القولين.
ويعرف العلماء الرياح بأنها الهواء المتحرك بالنسبة لبقية الغلاف الغازي المحيط بالأرض, وهذه الرياح أيضا أتت في موعدها حسب الروزنامة المناخية, فمن المعتاد هبوب رياح خلال الأيام الأخيرة من آذار وتستمر لمدة بضعة أيام من شهر نيسان.
ويذكر العلماء ثلاث مهمات للرياح اللواقح:
الأولى: الرياح الخيرة تحمل السحب المشبعة بالرطوبة لإنزال المطر.
والثانية: وساطة لتلقيح الأشجار بنقل طلع ذكورها ولقاحها إلى الإناث ليتكون الثمر.
والثالث: وسائل إزالة الغبار عن الأشجار لينفذ الغذاء إلى مسامها.
ويرى علماء النبات أن التلقيح عملية أساسية للإخصاب وتكوين البذور، حيث تنتقل حبيبات اللقاح من العناصر الذكرية للزهرة إلى العناصر الأنثوية فيها حيث يتم الإخصاب.
والتلقيح قد يكون بين العناصر الذكرية والأنثوية للزهرة الواحدة أو النبتة الواحدة ويسمى عندئذ ـالتلقيح الذاتي، وقد يكون بين نبتتين منفصلتين ويسمى حينئذ ـالتلقيح المختلط.
وتختلف طرق انتقال حبيبات اللقاح باختلاف نوع النبات، فهناك فضلاً عن التلقيح باليد البشرية كما في تأبير النخل، ويذكرون ثلاث طرق أخرى للتلقيح هي:
التلقيح بوساطة الحيوانات كالحشرات والطيور.
التلقيح بوساطة المياه.
التلقيح بوساطة الرياح.
و تذكر الموسوعات العلمية دوراً مهماً للرياح في عملية نقل اللقاح في النباتات التي تفتقد الأزهار ذات الرائحة والرحيق والألوان الجاذبة للحشرات حيث تقوم الرياح بنشر اللقاح على مسافات واسعة، فعلى سبيل المثال تنشر الرياح لقاح الصنوبر على مسافة قد تصل إلى 800 كيلومتر قبل أن يلتقي اللقاح بالعناصر الأنثوية ويتم التلقيح.
ومن جملة النباتات التي تعتمد على التلقيح الريحي بشكل أساسي الصنوبريات والقراص والحور والسنديان والقنب والبندق.