وباثنتين وأربعين ضربة وحشية ألحقوا العار بأمتنا وجيشها. الصور المخيفة على هذه الصفحات ستصدم العالم وستخلق فضيحة عسكرية كبيرة. لقد تم التقاط الصور بواسطة كاميرا فيديو منزلية ويبدو أن أحد العرفاء قام بالتصوير من أجل التسلية لكن الصور تظهر ثمانية من زملائه الضخام وهم يجرون بعنف أربعة من المتظاهرين الصغار في العقد الثاني من عمرهم من الشارع إلى مكان وراء الجدران العالية لمعسكرهم المتطرف ويضربونهم حتى فقدوا الوعي, ضربات همجية بالهراوات والأبواط والأيدي ويتجاهلون توسلاتهم. لكن الحادثة تصل ذروتها عندما يسدد ضابط صف رفسة عنيفة بين ساقي أحد الأطفال وهو ملقى على الأرض. وفي هذه الأثناء كان العريف الذي يصور يحث زملاءه أكثر وهو يقهقه: (ياسلام ياسلام. سوف ننال منكم, أيها الرعاع أيها الأوغاد موتوا).
وتم عرض الفيلم على زملاء العريف فيما بعد في القاعدة العسكرية لكن أحد الرافضين لذلك قدم الفيلم لصحيفة (أخبار العالم). وأخبرنا عن المجموعة والفصيلة المتورطتين ولكن لن نذكر هذه التفاصيل من أجل السرية.
يبدو أن هذا الضرب الجبان قد حدث في بداية 2004 خلال سلسلة من المظاهرات في الشوارع في جنوب العراق. لقد خاضت القوات البريطانية معارك ضد المئات من المتظاهرين الذين يحملون الحجارة والرفوش والقنابل المصنعة محلياً. ويظهر جو التوتر بشكل واضح في الفيلم الذي تم تصويره من فوق سطح في معسكر القيادة. وتبدو فوهة بندقية اس إي 80 على الأرض, ثم تقع قنبلة يدوية على الأرض وتنفجر داخل المعسكر مسببة صوتاً كبيراً وسحابة من الدخان الرمادي. تندلع النار خارج السور مرسلة أعمدة من الدخان الكثيف بينما حشود من المتظاهرين تردد الشتائم للجنود. ويسرع عشرات من الفتيان تجاه المعسكر وهم يلقون الحجارة ولكنهم يعودون بسرعة تلاحقهم مجموعة من الجنود في الخوذات والأقنعة الميدانية واللباس المموه. بعض الجنود يلبسون دروعاً مضادة للرصاص ومسلحون بالهراوات والبنادق.
ثم تصل رسالة راديو للجنود تحدد لهم الهدف: (أسود من فوق وأزرق من تحت. هيا). وتنتقل الكاميرا إلى ثمانية جنود عائدين ومعهم أربعة مساجين يمسكونهم من رقابهم. يسحب الجنود أسراهم إلى داخل المعسكر بعيداً عن عيون المتظاهرين في الخارج وهنا يبدأ الرعب.
السجين الأول: يجرونه وهو يرتدي قميصاً أزرق وبنطال جينز وبوط رياضة أبيض وهو الضحية الوحيدة الذي ليس حافياً. يرفع الجندي يده عن عنق الطفل ويوقفه ويقوم وهو لا يزال يلبس الخوذة وواقي الوجه بتوجيه ضربة قوية على رأس الطفل ثم يمزق قميص الطفل فوق رأسه ويضربه بقبضته اليمنى مرتين في خاصرته ومرة على رأسه.
وبسبب الهلع يمسك الطفل الأسير يائساً بطرف هراوة الجندي كي لا يضربه الجندي بها. ويمكن سماع صرخاته المتوسلة بوضوح (لا من شان الله لا تضربني). يمسك جندي آخر الطفل من رقبته ويرميه على الأرض ليقوموا برفسه وضربه من جديد. وعندئذ يقوم الجندي الذي ضربه بخوذته سابقاً برفع هراوته ويسحقه بها.
السجين الثاني يلبس قميصاً أزرق وبنطالاً رمادياً. سحبوه إلى الداخل وهم يمسكونه من كتفه. يرميه الجندي على الأرض ويضربه بالهراوة على جسمه ورجليه.انهال الجندي عليه بالهراوة عشر مرات وكان الصبي يتلوى حول أقدام الجندي محاولاًحماية نفسه. كان هناك جندي بقبعة كبيرة يراقب المشهد وهو ليس من المجموعة. واضح أنه لا يعرف ماذا سيفعل. لم يؤثر المشهد به ولم يتدخل لوقف الضرب. لكنه يقوم بمساعدة الجنود لتثبيت الأغلال البلاستيكية على يدي الصبي.
أما السجين الرابع الحافي القدمين فكان يرتدي قميصاً أزرق وبنطال بيج. كانوا يضربونه قبل أن يرفعوه عن الأرض كأنه كيس بطاطا ثم يرمونه على صدره ويداه على ظهره يمسك بهما جنديان. واحد منهم وهو رقيب يقف خلف الصبي ويرفسه بين رجليه من الخلف. يتقوس جسم الصبي من الألم ويمكن سماع صاحب الكاميرا وهو يسخر ويقلد هازئاً صرخات الألم . وهنا يمكن سماع صوت جندي يضرخ: (ارفسه من رأسه..). يستغرق مسلسل الضرب على الفيديو ( مجموعة من اللقطات) ستين ثانية علماً أن طول الشريط ثلاث دقائق واثنتا عشرة ثانية. وقد استطاع المحققون أن يحصوا اثنتين وأربعين ضربة متفرقة ولا شك أن هناك أكثر ولكن لم يتم تصويره. ويوجد على الشريط مشهدان مرعبان. في أحدهما تقترب الكاميرا من جثة عراقية بينما يرفع عنها الجندي البريطاني الغطاء ليعرضها كأنها جائزة.
بعد ذلك يقوم صاحب الكاميرا بعمل يعتبر أكبر إهانة للعراقي إذ يرفس الرجل العراقي الميت مرتين في وجهه لإذلاله بعد الموت. وبينما كان أحدهم يرفع رأس الرجل الميت وهو في العشرين إلى الكاميرا تفوه جندي بشتيمة:(هذا ... أمه. وتظهر لقطة أخرى رجلاً عراقياً سحبه ثلاثة جنود وأجبروه على القرفصاء خلف جدار وراحوا يرفسونه بهمجية في صدره.
لقد ظهر شريط الفيديو بعد عودة الجنود إلى بريطانيا. إذ شعر مصدرنا بالرعب عندما شاهده وأقسم أن يكشف أمر الشريط كي يجبر الجيش للتصدي لتعذيب المساجين ولحماية سمعة أكثر من 80000 من الجنود البريطانيين الملتزمين ومن بينهم 101 قتيل و230 جريحاً الذين خدموا في العراق منذ حرب الخليج الثانية.
a - alissa @ scs- net. org