هو قبل كل شيء تلك الهزيمة التي ألحقت بالعقل الإسرائيلي, ليس من خلال سيطرة حماس الساحقة على صناديق الاقتراع خلافاً لكل التوقعات الإسرائيلية, بل بسبب لعنة (الفرضية) الجاهزة التي ما زالت ملازمة للساسة في إسرائيل. التقديرات الخاطئة نابعة من طريقة تفكير عفى عليها الزمن. هذه الطريقة فرضت طوال سنوات نهج العداء لحماس تماماً مثلما حول الغباء السياسي م.ت.ف قبل ذلك الى شيطان أزرق.
نذكر في البداية كيف حاولت الحكومات الإسرائيلية يمينا ويسارا رعاية وإبراز تنظيمات هامشية مثل روابط القرى واظهارها كمفاوض, لقد كان عليهم أن يتعلموا العبرة بعد أن ألقي كل من التقى بممثلي م.ت.ف في غياهب السجون (حتى عيزر وايزمن واجه مثل هذا التهديد ذات مرة) أصبحت الأيادي تصافحهم على المنابر الدولية كيف حدث ذلك? لأنه اتضح مع تأخر ضار جداً أنهم يمثلون الأغلبية الفلسطينية حينئذ أيضاً كانت كل الحكومات بعد رابين تتجهم لهم. إيهود باراك تفاوض مع ياسر عرفات من دون أن يكون بإمكانه أن يرفضه.
في خضم التفكير الإسرائيلي كانت أوقات كان بها خيرة الرجال السياسيين والعسكريين عندنا يغمزون لحماس باعتقاد يائس منهم أن ذلك سيضعف م.ت.ف حتى عندما اتضح لكل مسؤول في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أن حماس تسيطر على الشارع الفلسطيني, قمنا بقتل أتباعها وكأن كل واحد منهم هو قنبلة مؤقتة. الحليف الأميركي ساعد على تعميق (النظرية الجاهزة) لدينا البيت الأبيض عانقنا عناقاً خانقاً كلما كانت إسرائيل تسمح في تشويه صورة حماس أكثر فأكثر مثلما كان قد ضعف (أي البيت الأبيض) إبان حرب لبنان وحتى محادثات أوسلو- لتشويه صورة عرفات. واشنطن وإسرائيل تنفستا الصعداء عندما مات عرفات. بعد ذلك نكلوا بوريثه المعتدل. وعندما كان من المفترض أن يقبله شارون كان جدول مواعيده ينفجر من زحمة اللقاءات.
موسم الانتخابات سيدفع الخطاب الاسرائيلي إلى المزيد من التفاهة كما علمنا الماضي ولكن بعد فترة ليست طويلة سنضطر للتحدث معهم. لماذا لا نبادر إلى التفاوض ونضبطهم في كلماتهم التي قالوها عندما يتضح أنهم ليسوا غيلاناً أكثر مما بدت عليه م.ت.ف وفتح ذات مرة? يمكن أن يكون لهذا سبب واحد فقط: أن إسرائيل لم تنس شيئاً ولم تتعلم أي شيء بعد عشرات السنين من الأخطاء السياسية اللعينة.
ماذا نصنع بحماس?
وتحت عنوان (ماذا نصنع بحماس) كتب افرايم ياعر وتمار هيرمن في (هآرتس) أن 55 في المئة من اليهود في إسرائيل يؤيدون إنشاء دولة فلسطينية, مقابل 67 في المئة قبل فوز حماس.
ويرى55 في المئة أن فوز حماس خطر على إسرائيل, وان كان 46 في المئة يعتقدون أن حماس ستعدل الآن مشاركتها في العمليات ضد إسرائيل ويراها 40 في المئة الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
هذه هي المعطيات الرئىسة لاستطلاع مقياس السلام الذي اجرى في الأيام من 1,30 إلى 1/2وخلافاً لردود الساسة في إسرائيل والخارج, يبدو أن فوز حماس لم يخلق عند الاسرائيليين العاديين حالة طوارىء تسوغ, مثلاً تأجيل الانتخابات أو تغيير نيات التصويت. الجمهور أيضاً لا يعرض تقديرات متسقة تتصل بالوضع الجديد, وانه ينبغي إدارة مفاوضات مع حكومة فلسطينية بقيادة حماس بالرغم من الاحتمالات الفيئلة لأن تأتي مفاوضات كهذه بالسلام. لكن يوجد تأييد واسع لموقف أنه عقب فوزها يجب على إسرائيل أن تحدد مصيرها وحدودها بنفسها, بإنهاء سريع لبناء جدار الفصل.
المستوطنات كلفت 14 مليار دولار
تحت عنوان (مستوطنون مكلفون) كتب عوفر بطرسبورغ في (يدعيوت احرونوت) أنه لا يحق لأحد أن يعرف كم من المال أنفق على المستوطنات, فهذا سر خفي ترفض الحكومة الكشف عنه, حتى لأفراد النيابة العامة.الان تلوح إجابة: ففي بحث شامل صورت المستوطنات كلها في الضفة الغربية وجرى تقدير كلفة كل بيت وشارع. يتضح لأول مرة كم كلفت المستوطنات وهيئة السكن في المستوطنات ومقدار الكلفة العامة للمستوطنات: 63 مليار شيكل (14,124 مليار دولار).
ومن حاول في السنين الأخيرة أن يتبين مقدار النفقات في الضفة الغربية وقطاع غزة لم يكن يستطيع إلا أن يخلص إلى استنتاج أن الحديث هو عن أحد الأسرار الخفية في إسرائىل. أصبحت المعلومات الأساسية عن حجم البناء والاستثمارات وهي الظاهرة للجميع في كل مجلس وسلطة محلية في إسرائيل, أصبحت تصنف في الضفة الغربية كما تصنف الاسرار الذرية وجه غطاء السرية الثخين لا إلى ممثلي الإدارة الامريكية ونشطاء اليسار فقط, بل إلى المسؤولين الكبار في المؤسسة الإسرائيلية أيضاً. وهكذا مثلاً صعب على تاليا ساسون, التي كانت فيما مضى رئيسة القسم الجنائي في النيابة العامة الحصول على معلومات للتقرير عن المستوطنات العشوائية الذي ألفته. اضطرت ساسون وأفراد فريقها إلى تفسير صور جوية وإلى أن يعدوا بيتاً بعد بيت برغم حقيقة أن جزءاً كبيراً من المعطيات موجود في مكاتب الحكومة, وفي الإدارة المدنية وفي السلطات المحلية في الضفة.
وكتب ساسون في التقرير. (لم يوافق كل من توجهت إليه على محادثتي. فثمة من زعم أنه مشغول جداً وبعد ذلك, عندما أتى للقاء رفض أن يتناول أكثر الأسئلة التي عرضت تناولاً موضوعياً).من المهم أن نذكر أن ساسون عينتها الحكومة لتأليف التقرير, وجزء ملحوظ من الموظفين الذين رفضوا اعطاءها المعلومات كانوا في الحكومة أو لدى جهات عامة أخرى.
الغارديان تقارن إسرائيل بجنوب افريقيا
كتب رونين طال وآخرون في (يدعوت احرنوت) ينتقدون تحقيقاً مطولاً نشرته صحيفة (الغارديان) البريطانية حول أوجه الشبه بين إسرائيل ونظام الأبارتيدالسابق في جنوب افريقية ما أثار غضب الجالية اليهودية في بريطانيا.
يقول طال إن هناك ارتفاعاً في مستوى التقارير والمنشورات المناهضة لإسرائيل في بريطانيا: في الأيام الأخيرة تقوم صحيفة (الغارديان) الشهيرة بعقد مقارنة يومية بين إسرائيل والحكم العنصري في جنوب افريقية. ويسأل مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط كريس مغريل: هل إسرائيل دولة الأبارتيد(تفرقة عنصرية)?. التحقيق الذي نشر على جزأين يمتد كل واحد منهما على 104 صفحات, تثير عاصفة في أوساط يهود بريطانيا. مغريل يقوم بعقد مقارنة شمولية بين سياسة إسرائيل المتبعة تجاه مواطنيها وسكانها العرب وبين سياسة حكومة التفرقة العنصرية في جنوب إفريقية تجاه السود والنتائج المستخلصة من المقالة ليست في صالح اسرائيل.
الحقائق بأغلبها ليست جديدة إسرائيل كما يقول مغريل في سياق حديثه تدير أجهزة تربوية وتعليمية منفصلة لكل من اليهود والعرب تماما مثلما كان الأمر عليه في عهد الأبارتيد, وتميز في الميزانيات المعطاة للسلطات المحلية والبلديات اليهودية مقابل نظيرتها العربية وتضع العراقيل أمام العرب المعنيين بالعمل في القطاع العام وتصادر الأراضي من العرب في القدس لصالح الأحياء اليهودية.
المسألة تتعلق بمقالة حادة بصورة استثنائية كما يدعون في الجالية اليهودية في بريطانيا حتى بالمقارنة مع العداء الأساسي والمعروف الذي تتصف به الغارديان تجاه إسرائيل أوساط السفارة الإسرائيلية في بريطانيا غاضبة هي الأخرى, يقول الناطق بلسان السفارة شولي دافيدوفيتش إن الغارديان كرست 14 صفحة من ملحقها اليومي 6-2 الماضي في محاولة منها لزعزعة صورة إسرائيل.