تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عيد الحب.. في زمن داعش

أخبار
الأحد 15-2-2015
سليم عبود

الرابع عشر من شباط «عيد الحب»، هذا العيد يجيء إلينا بقبعته الغربية، والعالم العربي، بركة دماء، وأحقاد، وقتل، ودمار، أيمكن لهذا القادم أن يقيم أفراحه على شرفات دمنا، ودمارنا..

وأن نرقص، ونسامر الفرح، والوجع يئن في أرواحنا على امتداد الوطن؟!‏

أليس عيد الحب دليلاً على الخلل الحقيقي الذي أصاب ثقافتنا، وعقولنا؟!‏

نعم... الملايين في العالم يحتفلون بعيد الحب، ولكن بأي معنى نحتفل بعيد أطلقوا عليه «عيد الحب»؟!‏

أهو العلاقة التي تنتجها المشاعر النقية.... أم العلاقة التي ينتجها السرير..؟!‏

في العالم العربي، كنا بلاد الحب، والمحبة، والسلام، والتآخي، والمشاعر الصادقة، للأسف.. الحب اليوم بات مرتبطاً بالجنس..‏

ليس لدى الغرب وحسب، وإنما في بلادنا التي تركت النص الصحيح.. واتجهت إلى النصوص التي يضعها القتلة والتكفيريون.. فالعلاقة مع الله لدى السلفيين تقوم على الجنس.. فالجنس حوريات، ونساء يأتين لممارسة جهاد النكاح، كل «صرعة» ينتجها الغرب، تعبر إلى عقولنا سريعاً.. لأننا أسرى هذا الغرب، وإذا كانت تلك «الصرعة» تتحول إلى عيد حقيقي في الغرب، لأن الغرب تجاوز متاعبه، وراح يصنع الفرح, أما نحن، فغارقون في عتمة تعبنا، وتخلفنا، وجهلنا، ومتاعبنا.‏

إن الغرب لايخترقنا بعيد الحب، وحسب.. وإنما في الفكر،والثقافة، والعادات والتقاليد، والقيم، والدين..‏

يقول «أيجلتون: «الثقافة، ليست الرواية والشعر والأدب وحسب، بل هي العادات والتقاليد والسلوك, وطرائق الأكل والشرب، والمخاطبة، وعلاقة الرجل بزوجته، أو عشيقته» في العقود الماضية، وبعد انحسار المد القومي العروبي، واتساع مساحة الفكر السلفي، والفكر الاستسلامي..‏

تقدمت قشور الثقافة الغربية في المجتمع العربي، تحت عناوين مابعد الحداثة.. فالكاتب الذي كان يكتب عن الوطن، تحول تحت بريق الانتشار والعالمية، إلى كاتب جنس.. فبات الإبداع العربي في إبداعه واحة جنس، تغطيه أقنعة كثيرة، تمررها جهات كثيرة، وتحت عناوين متعددة.‏

وتحول الحب.. من حالة يتبادل فيها العشاق المشاعر.. إلى حالة أخرى تقوم على الجنس.. مراكز الأبحاث الغربية، وبخاصة الأمريكية تقول: «إن مافعلته وسائل الإعلام المرئية وغير المرئية من تغيير حاد في طبيعة، وثقافة الشعوب، عجزت عن تحقيقه الجيوش الأمريكية.، ومن أهم هذه التغييرات، تخريب قيم العلاقة الاجتماعية في المجتمع، والأسرة، وبين المتحابين».‏

والسؤال: كيف ننظر في العالم العربي إلى الحب؟ قبل الإجابة، لدي سؤال تطرحه الحالة الراهنة التي يمر فيها العالم العربي، والتي أطلق عليها الغرب: «الربيع العربي» هل في زمن الربيع العربي نعرف الحب، ونمارسه؟!‏

الحالة الراهنة تطرح الحب في مجتمعنا وفق ثقافتين،ووفق موقفين يعبران عن المجتمعات العربية عامة..‏

الأول: يتجلى اليوم في حالة لاتماثلها حالة أخرى في العالم كله، استند فيها أصحابها على نص يرى أن الإيمان بالله يفضي إلى جنة تزدحم بالحوريات، لكل مؤمن فيها اثنتان وسبعون حورية، ولكل حورية اثنتان وسبعون جارية، وهكذا يكون الحب لدى هذا الفريق، حالة جنسية.. أي إمتاع جسدي محض، وإذا أرادت المرأة في هذا التيار أن تمارس الحب، فلها أن تقدم نفسها للقتلة تحت فتوى «جهاد النكاح» للترويح، والتفريج، وإسعاد القتلة، وهي حالة موجودة في الفكر الصهيوني، فللمرأة اليهودية المؤمنة أن تمارس جهاد النكاح ليس مع الجنود الصهاينة وحسب، وإنما مع من يمكن توظيفه في خدمة الصهيونية، فقد اعترفت «ستيفي ليفني» وزيرة خارجية العدو الصهيوني متفاخرة أنها مارست الجنس مع قادة، وزعماء، وشخصيات عربية وفلسطينية لمصلحة إسرائيل.‏

أما الفريق الثاني، فالحب عنده امرأة، ووطن، وتضحية، ووفاء..وهو ما كان سائداً في الماضي، ومازال في بعض العقول العربية التي لم تتأثر بالوهابية، والإخوانية، والفكر الجهادي المقيت..‏

لخلق حالة حب حقيقي..لاتتمثل في الجنس كجنس، وإنما في تمازج روحي ونفسي وجسدي، ينتج حالة من الصفاء الجسدي والروحي أقرب إلى الحالة التي يعيشها المتصوف، تتقدم فيها العلاقة مع الوطن على العلاقة بأي شيء آخر..وفي ظل الحالة الراهنة.. يتجسد هذا النوع من الحب، في التضحيات الكبيرة التي يقدمها جيشنا الباسل.. التي تنتج نوعاً من العلاقة المقدسة، بين الدم والتراب..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية