هذه الغلالة!
آراء الاثنين 11/8/2008 نصيحة بقلم: أكرم شريم توجد غلالة رقيقة تشبه الخمار و لكنها غير منظورة بينك و بين الآخر. فأنت إذا رأيته مرة أو عدة مرات , أو تعرفت إليه لأيام أو لشهور و سنوات فمن المؤكد أن هذه الغلالة ستبقى تفصلك عنه و تمنعك من إعطاء الرأي الصحيح به .
و حتى القول الدارج : ( أنت لا تعرف الإنسان إلا بعد أن تتعامل معه )لا يكفي في هذا المجال . فحتى التعامل معه قد لا يساعد تماماً في إزالة هذه الغلالة التي بينك و بينه . وقد تحدث خطوبة لأشهر و يحدث خلال هذه الأشهر تعاملات , و ليس تعاملاً واحداً , و تبقى هذه الغلالة تمنعك من معرفة الآخر معرفة متكاملة صحيحة . وقد تقول لي : أنا تزوجت .. وعشنا عشرات السنين و أنجبنا البنات و البنين أو أنا تعاملت معه في السوق في بيع و شراء , و في قبض ودين و مرات عديدة و أعرفه معرفة تامة و لا يخفى علي شيء لا منه و لا من غيره , فلا يوجد بعد تعاملات السوق من تعريف أفضل بالآخر , فأقول لك هذا لا يعني أبداً أن هذه الغلالة التي بينك و بينه قد اختفت كلياً و أصبحت تعرفه بشكل كلي . فهذه الغلالة هي حامية الناس من بعضهم بعضاً . و هي إلى ذلك تشد الأواصر في علاقات الناس بعضهم مع بعض كي لا تنقطع . و هي كمثال , تخفي - لو علاقة جزئية صغيرة - من علاقة القرين و تجعلها غير واضحة و ذلك لتبقى كل العلاقة مع القرين مستمرة . و كذلك مع الشريك و الصديق و القريب و الجار و المار أيضاً . و حتى بعد الموت و عكس ما تتصور من أنك ستعرف عن هذا الإنسان كل شيء و ستقول كل شيء , فإن هذه الغلالة ,والتي قد تكون أكثر من بشرية , تمتد أكثر و تستر أكثر , على الرغم من انها غير منظورة , فتقول بينك و بين نفسك أنا لم أكن أعرف هذا الإنسان المعرفة الصحيحة . و هنا تضيء النصيحة و تتوضح أن معرفة الآخر بشكل مباشر و كلي أمر غير ممكن فأنت لا تستطيع و ليس من حقك أصلاً و مهما كنت ثاقب النظر , أن تمدح إنساناً أو تقبله بشكل كلي , و لا أن تذمه و ترفضه بشكل كلي ..! فهذه الغلالة هي حامية الناس وهي التي تشد أواصر الجميع .. قاطبة .. كي لا تنقطع
|