تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مشاعل النور .... من أرض الحضارات

دمشق عاصمة الثقافة
الاثنين 11/8/2008
رانيا الحسن

فكرة الإنارة في الليل سيطرت مبكراً على تفكير الإنسان القديم حتى أنه وصف آلهته بالنور وعبد كل منبع للنور مثل عبادة القمر متمثلاً بالإله ( سن ) وعبادة الشمس متمثلاً بإله الشمس (شمش) كذلك عبد نجمة الصبح عشتار بوصفها الفانوس المضيء الأزلي ....

وخلال العصور الكلاسيكية عبد ( إليوس) إله الشمس عندالإغريق كما عبد أبو لون رب النور والضوء عند الرومان.وإذا كان بروميثيوس قد سجل أول سرقة في التاريخ واختلس النار من زوس لأجل البشر فإن البشر بدورهم استطاعوا تأمين نارهم ونورهم عن طريق ا لسراج . ضمن إطار احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية أقيم في القاعة الدمشقية - المتحف الوطني معرض بعنوان ( ألف تحفة وتحفة من الأرض السورية) التي تقوم على تقديم شهري من قبل المختصين للمجموعة الأثرية المجهولة والمحفوظة في مستودعات المتحف الوطني بدمشق . والمادة المعروضة هذه المرة مجموعة (فخار مطبع أو سراج كانت تستعمل لغر ض الإنارة موجودة حالياً في المتحف الوطني في قسم الآثار الكلاسيكية ). وفي 1/8/2008م ألقى الأستاذ مسعود بدوي رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار جبلة محاضرة بعنوان ( فخار مطبع لإنارة الطريق) قدم له الدكتور ميشيل المقدسي وبداية تحدث الأستاذ مسعود بدوي عن تاريخ هذه السراج إذ أن أقدم السرج المعروفة في مناطق الشرق الأدنى تعود إلى عصر العبيد (الألف الخامس ق.م ) وكانت عبارة عن طاسة فخارية قعرها غير ثابت ولها حافة مطوية لتشكل المثعب . وخلال الألف الثالث ق.م عرف الساحل السوري السراج المصنوع من الحجر الكلسي في تل سيانو واستمر ظهور السرج الكنعانية والمعروفة على طول الساحل السوري الفلسطيني والتي تميزت بحجم أكبر من السرج من الفترة السابقة وبقاعدة أكثر ثباتاً على الأرض مثل السرج المعروفة بتل سوكاس (جبلة ) تل عرق ( لبنان ) والمواقع الموجودة على الساحل السوري للفترة الفينيقية هذه الأنماط عرفت أيضاً في سورية الداخلية خاصة في موقع المشرفة من تل ( آفس) . عرفت السرج في العالم الإيجي وكانت مصنوعةمن الفخار أو بالبرونز وكان بعضها مغلقاً وذلك من أجل حماية الزيت من الغبار , واستمرت تقاليد صناعة السرج بواسطة الدولاب خلال العصر الهلينستي ووضع له مثعب ( مكان وضع الفتيل) وهي خالية من الزخارف وكانت تطلى أحياناً بلون أحمر أو أسود أو بني أو أحمر وأسود معاً , نجد مثالا ً واضحاً في السرج الرودوسية التي كشف عن نماذجها في مواقع عديدة على الساحل السوري: مدافن مارتقلا في اللاذقية وتنوعت السرج حسب أنواعها من خلال مادة الصنع , فنجد السرج الحجرية والفخارية والبرونزية والخزفية وأخيراً الزجاجية . وفي القرن الثاني ق.م بدأت السرج تصنع بواسطة القالب وتميزت بمثعب طويل وزين سطحها ببعض الزخارف الهندسية أو النباتية مثل الأنماط التي عثر عليها في مدافن الجبيبات ( جبلة ) . ثم أصبحت السرج أكثر تنوعاً وزين سطحها إضافة للأشكال النباتية والهندسية بمشاهد أحياء بحرية وأحياناً زينت قواعدها بأشكال نباتية كزهرة بخمس أو ست بتلاث بالإضافة إلى المشاهد الميثولوجية أو بأشكال بشرية . في العصر الهلينستي وجدت بعض النماذج التي كانت تتعدد فيها المنابع الضوئية استخدمت غالباً في المعابد والأماكن الخاصة مثال ذلك السراج الذي عثر عليه في رأس إبن هاني. وشهدت هذه الفترة تنوعاً ملحوظاً في أشكال السرج المصنوعة من البرونز والتي كان لها رأس الإ نسان (رأس إفريقي أو شكل مهرج) وكان لبعضها حلقة من أجل التعليق بواسطة سلسلة . ومع بداية القرن الأول الميلادي وفي العصر الروماني تحديداً تميزت السرج بالدقة في تنفيذها والواقعية في أشكالها . لنجد المواضيع الميثولوجية ( القنطورس مخلوق أسطوري رأسه على شكل إنسان وجسمه لحيوان ).‏

( جوبتر مع النسر ) (ليدا والإوزة ) (البطل يصارع أسد) .‏

- مواضيع المصارعين: ( بشكل أحادي أو ثنائي - محارب روماني بكامل لباسه الحربي في وضعية القتال علي الأغلب على شكل خصمين ) .‏

-أشكال نباتية:(أكاليل إما بشكل إكليل الغارأو إكليل مشكل من عناقيد عنب أو زهور ).‏

مواضيع هندسية: ( خطوط شعاعية أو زخارف بشكل أنصاف أقواس ) .‏

زخارف بحرية: (دلافين ,صور أصداف بحرية والأخطبوط أكثر شيوعاً .‏

مشاهد طيور:النسر فارداً جناحيه - الحمام بشكل إفرادي أو يقف على غصن رمان ).‏

مشاهد حب : ( مشاهد مقتبسة من الحياة اليومية للإنسان الروماني ) .وفي نهاية القرن الرابع الميلادي وخلال العصر البيزنطي أصبحت السرج الفخارية والبيزنطية أكثر تنوعاً في أشكالها فنجد المستديرة والبيضوية والمستطيلة وتتميز بثقب فتحة الزيت الواسعة وأضيفت إلى زخارفها بعض الإشارات التي تشير إلى المسيحية . واستمر استخدام أنماط السرج البيزنطية في بداية العصر الإسلامي ( الأموي) على الشكل البيضوي . وفي نهاية العصرالأموي وبداية العصر المملوكي تم العودة إلى صناعة السرج المفتوحة ذات النمط الكنعاني ولكن قعرها شبه مستو وأحياناً كان له عروة .كما ظهرت المشكاة الزجاجية خلال العصر المملوكي التي كانت توضع للإنارة في المساجد ويحتوي المتحف الوطني بدمشق العديد من هذه النماذج الهامة . واختتم الأستاذ بدوي المحاضرة بخلاصة سريعة لماسبق مضيفاً أنه يمكن لنا اعتبار استعمال الإنسان للسرج كان نقطة تحول في التاريخ الحضاري الإنساني وعاملاً على إبداع الفن تزيينها , بالرغم من أن السراج كان له مبد أ واحد بشكل عام وهو إشعال الفتيل ولكن كان لكل عصر ميزاته وخصائصه في صناعته وتزيينه وغدت كل منطقة أو مدينة لها خصوصيتها في هذه الصناعة . بعد انتهاء المحاضرة التي زودتنا بمعرفة المزيد عن ماهية الكنوز المجهولة الموجودة في المتحف الوطني وأهمية عرضها ودراستها. استمعنا إلى ليندا بيطار في أغان للرحبانيين وسفانة بقلة عازفة على القيثارة من إعداد وتقديم الأستاذ حسام الدين بريمو من المعهد العالي للموسيقا بدمشق .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية