كنا نحاضر حول (صورة العربي في الإعلام الغربي) ضمن مهرجان المحبة عندما أنبأتنا الإعلامية ديانا جبور بخبر رحيل شاعرنا الكبير محمود درويش فزلزلنا الخبر في العمق
وجعلنا في غيبوبة لم نفق منها إلا بعد ساعات قليلة. لنصدق أن قامة شعرية شامخة كمحمود درويش رحلت عنا إلى الأبد, بعد أن أغنت المكتبة العربية والعالمية بعيون الشعر الصافي.. لقد رحل الشاعر الرمز ولكنه لم يرحل, لأن كلماته الفذة والمبثوثة في وجدان عشاقه الكُثر لن تمحى مع مرّ الأيام والسنوات.. واليوم زرنا موقع أوغاريت الأثري وتذكرناه ونحن تحت شجرة الزنزلخت التي ذكرها في إحدى قصائده الشهيرة..
لا يفوتني كأمين عام لحركة شعراء العالم أن أنعاه لنرفع إلى كل محبيه وأهله وإلى فلسطين أولاً وآخراً أحر التعازي معتبرين رحيله هذا وجهاً آخر للحياة في ذاكرتنا جميعاً. لقد كان الفقيد صديقاً, التقيته للمرة الأولى قبل عشرين سنة في بغداد, لأسلمه نسخة من ديوان له ترجم إلى الروسية وكنت عائداً للتو منها ومن يومها توطدت العلاقة ليصبح الأكثر معنى في حركة شعراء العالم والأكثر لفتاً للانتباه بالنظر إلى مشروعه الشعري الحداثي, الطموح.. منذ ثلاث سنوات كان لحضوره بحركة شعراء العالم مذاق خاص وكنا على وشك دعوته إلى أمريكا اللاتينية كضيف شرف لأحد المؤتمرات التي ستقام هناك حول (الشعر والسلام) في تشرن الثاني القادم, لكن تجري الرياح عكس اشتهاءاتها... سيظل محمود درويش في القلب, وفي الذاكرة قصيدة لا تموت:
(قبل الحلول بأرضها
قتلته فلسفة الهروب إلى السماء
ولم يكن لوجوده بين الوحوش مبرر ليعيش عمرا آخر
كان الخروج من الزجاجة مستحيلاً
والنساء مجرد امرأة إلى مرآتها..
ما كان للأشياء طعم
كل شيء لم يكن يعني له شيئاً
إلى أن جدّ شيء شائك في القلب...)