تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حصاد المبعوثين الأميركيين

شؤون سياسية
الخميس 11-6-2009م
علي سواحة

ما الذي نستطيع أن نحكمه على حصاد مبعوثي الولايات المتحدة لتحقيق السلام في المنطقة والذين أوفدوا لتحقيق السلام بين العرب وإسرائيل ولم ينظروا لهذا السلام سوى من عين واحدة وهي التي تخدم أهداف مشروع الأمن والتفوق والتوسع الإسرائيلي على حساب الحقوق العربية.

وعلى الرغم من أن جميع هؤلاء المبعوثين كانوا يحابون لحد كبير وينحازون لذاك الكيان الغاصب إلا أنه لم ينظر إليهم من قبل هذا الكيان إلا من منطلق اللامبالاة وعدم الاكتراث والسبب بسيط هو امتلاكه التأثير غير العادي على تهميشهم نظراً لقدرة ذاك الكيان المعهودة في تحكمه بصنع القرار الأميركي وتوجيهه لمصلحته ولمصلحة مشروعه في المنطقة العربية، وسجل التعامل الإسرائيلي مع هؤلاء المبعوثين أو المندوبين حافل بما ذكرناه ابتداء مع مبادرة المبعوث الأميركي وليم روجز التي أعقبت عدوان 1967 على الأمة العربية وما حملته تلك المبادرة من بنود لصالح تثبيت العدوان الإسرائيلي وتلبية مطالبه في التوسع على حساب الدول العربية المجاورة لفلسطين وتأمين حريته البحرية في مضائق تيران وقناة السويس وغيرها، ورغم ذلك لم تنل هذه المبادرة موافقة رئيسة الحكومة الإسرائيلية وقتذاك غوالدمائير وأعلنت رفضها القاطع لها ما جعل الإدارة الأميركية توفد مساعد وزير خارجيتها جوزيف سيسكو في مبادرة سرية ثانية محابة لإسرائيل ولتلبية مطالبها، وهذا ما عبر عنه بوضوح هنري كيسنجر بقوله إنه في كل مرحلة من المفاوضات التي لا تقرها إسرائيل مع العرب تجعلنا نضاعف ونزيد من حجم برنامج المعونات لها، ثم تولى الأمر كيسنجر بنفسه عبر جولاته المكوكية في الشرق الأوسط مع اندلاع حرب تشرين التحريرية للتحضير لوقف القتال ولنجدة إسرائيل وفي عهد الرئيس جورج بوش الأب انعقد مؤتمر مدريد وأوفدت له واشنطن دينس روس الذي زار المنطقة ثماني مرات وعلى الرغم من أن شعار المؤتمر كان إقامة السلام العادل والشامل وفق مرجعية قرارات مجلس الأمن ذات الصلة إلا أن الهدف الأساسي لهذا المؤتمر كان عقد سلام منفرد مع الفلسطينيين عرف وقتها باتفاق أوسلوا المريض وإبرام اتفاقية سلام أخرى مع الأردن وهي اتفاقية وادي عربة في عام 1994.‏

وفي عام 2000 اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية عندما زار شارون المسجد الأقصى وتم إرسال استاذ القانون الدولي بالأمم المتحدة ريتشارد فولك لكن واشنطن سعت إلى تهميش دوره ومهمته وانبرى الرئيس كلينتون ليشكل لجنة تقصي الحقائق بعد مؤتمر شرم الشيخ برئاسة جورج ميتشل الذي خرج بتوصيات شكلية وهزيلة في الوقت نفسه، ورغم ذلك لم ينفذ منها أي شيء بما فيها تنفيذ بنود القرارين الدوليين 242و338 لانسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967 ومع تنامي الانتفاضة الفلسطينية أرسلت الإدارة الأميركية من جديد مدير وكالة مخابراتها السي آي إي جورج تينت الذي طالب بتطبيق توصيات لجنة ميتشل السابقة ولاسيما منها التعاون الأمني بين الإسرائيليين والفلسطينيين والإجراءات الفلسطينية للتهدئة مع الإسرائيليين وتأمين أمنهم وجميعها تعني من حيث الشكل والمضمون وأد الانتفاضة الفلسطينية، لكن ذلك لم يجد نفعاً في وقف هذه الانتفاضة فأرسلت من جديد واشنطن موفداً آخر هو انتوني زيني بناء على طلب شارون في عام 2001 بغية الضغط على الفلسطينيين لوقف انتفاضتهم وإفساح المجال لإسرائيل لمزيد من الاستيطان ولقتل وتشريد الفلسطينيين، ما جعل الرئيس جورج بوش الابن يضع في تصوره حل قيام دولتين إسرائيلية وفلسطينية ضمن ما سماه خارطة الطريق، وعلى هذا ظل خلال ولايته الأولى والثانية يروج لذلك، ورغم أنها لا تلبي شيئاً من طموحات وحقوق الفلسطينيين عمد بوش الابن إلى تجميد مبادرته خارطة الطريق عبر مبعوثه الجديد وليام بيرنز الذي أوفده إلى المنطقة من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف القتال مع الفلسطينيين الذين واصلوا انتفاضتهم، وكانت واشنطن تهدف من وراء ذلك كالمعتاد إلى فرض الاستسلام على الفلسطينين قبل إعادة الحقوق إليهم، أما اليوم فإدارة الرئيس أوباما عينت مبعوثاً لها هو جورج ميتشل الذي سيزور المنطقة في جولة ثانية له تضم سورية هذه المرة وهي بالطبع جولة مهمة جداً وإن كانت تواجه تحدياً كبيراً يتجلى في قدرة هذا المبعوث في ترجمة توجهات الرئيس أوباما حيال المنطقة ولاسيما حيال وقف الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وحيال تنفيذ إسرائيل لطروحاته بشأن حل الدولتين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية