تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أدونيس: شـــــعر اليـــوم أناشــيد فـي الفــــراغ

ثقافة
الخميس11-6-2009
ترجمة: مها محفوض محمد

أفردت صحيفة لوموند الفرنسية في ملحقها الأدبي ملفاً خاصاً للشاعر أدونيس كتب فيه الصحفي والكاتب المعروف روبر سوليه يقول:

يعرف القاموس الشهير «بتي روبير» أدونيس بالكاتب الذي ينظم الشعر، أما المعجم الآخر المعروف أيضاً «بتي لاروس» فقد قدمه بأنه «الكاتب الذي يمارس الشعر» وهذا في الواقع يتناسب أكثر مع أدونيس إن علمنا كيف يمارس الشعر في طقسه فهو يقول: إنه لا يريد أبداً أن يراعي أحكاماً بل على العكس يريد أن يعيش ويفكر ويبدع بكامل حريته.‏

هذا الشاعر العربي الكبير يتحدث عن نفسه في كتاب حواري شائق أجرته معه الأستاذة الجامعية في جامعة باريس السابعة حوريه عبد الواحد وهي محاورة من الدرجة الأولى يميزها في ذلك عاملان أساسيان ساهما في إنجاح الحوار حيث سبق لها أن ترجمت آخر كتاب لأدونيس وحمل اسم «الكتاب» صدر عن دار «سوي» عام 2007 وهي من أشهر الدور الفرنسية للمنشورات الأدبية كما أنها محللة نفسية ومختصة في هذا المجال، ما يجعلنا في لحظة سريعة ننسى إطار المقابلة ونصل إلى عتبات حوار ذي نوعية نادرة حول الشعر بكل تأكيد لكن أيضاً حول المنفى والشهوة والبؤس الثقافي الذي نغرق فيه.‏

أدونيس اسمه الحقيقي علي أحمد إسبر ولد في كانون الثاني عام 1930 في قرية قصابين في الساحل السوري، برز من وسط مجتمع فلاحي تعلم اللغة العربية والقرآن والشعر على يد والده الشيخ ولم يتخلص من واقعه المرير إلا بزيارة رئيس الجمهورية في ذاك الوقت شكري القوتلي إلى المنطقة، فقرأ له الصبي الصغير أبياتاً من الشعر أعجب بها الرئيس وكافأه بمنحة دراسية في المدرسة الفرنسية بطرطوس (اللاييك) حيث نزع ثوب الفلاح ولبس ثياب المدينة وأبرز ما فعله في هذه المدرسة أنه فكك ديوان بودلير «أزهار الشر» مستعيناً بالقاموس.‏

حاز فيما بعد على إجازة الفلسفة وترك سورية عام 1956 ليذهب إلى لبنان ويؤسس مع أحد أصدقائه مجلة أدبية حملت عنوان «الشعر» كانت تهدف بشكل أساسي إلى إيجاد لغة شعرية مغايرة.‏

اطروحته للدكتوراه كانت بعنوان «الثابت والمتحول» ثم بدل اسمه من علي أحمد إسبر إلى أدونيس اسم أحد آلهة الميثولوجيا اليونانية.‏

أول زيارة له إلى باريس كانت عام 1960 حيث التقى بمشاهير تلك الحقبة: هنري ميشو وجاك بريفير وبييرجان جوف وآلان بوسكيه وغيرهم، وهذا ما فجر عنده ولادة شعرية جديدة وفي ذلك الحين كتب كتابه الشهير «أغاني مهيار الدمشقي».‏

بعد ربع قرن عاد إلى فرنسا ليستقر فيها بشكل نهائي.‏

يعد أدونيس من أوائل الذين كسروا القالب الشعري المألوف بتبنيه الشعر النثري ورفضه لبيت الشعر العربي الموزون، حيث أراد أن يضع حداً للبنية ذات الاتجاه المستقيم للشعر فأدخل فيه الحوارات وعناصر هندسية وموسيقية وهو يرى أن الشكل يجب أن يتأقلم مع تنوع المواضيع وفقد استقى مواضيعه من الأساطير العربية في العهد الوثني، ومن الميثولوجيا اليونانية والرومانية، تأثر كثيراً بكبار المتصوفين العرب والشعراء الغربيين في تيار الحداثة وقد اتهم بأنه هدام للتراث لكنه لم يتأثر بذلك فهو على قناعة بأنه في عالم خلاق فقده الأدب العربي منذ قرون.‏

يقول أدونيس في كتاب حواري مع ابنته نينار: «على الشاعر أن يضع مسافة بينه وبين اللغة المشتركة وإن لم يفعل ذلك فهو ليس شاعراً عليه أن يخترع لغة داخل اللغة».‏

ولكي نفهمه بشكل جيد علينا أن نقرأه باللغة الأم.‏

إن الترجمة هي خلق آخر وعندما نترجم علينا ألا نختار الكلمة التي ينصح بها القاموس، بل الكلمة التي تتوافق مع الجملة من وجهة نظر شعرية أو موسيقية.‏

إن لغة أدونيس هي لغة أدبية عالية المستوى وخلاقة بشكل رائع لقد تأثر أدونيس بالفيلسوف الألماني نيتشه وأفكاره الصوفية خاصة بدعوته لأن يكون الدين مختلفاً عن المجتمع، أما الشعر فلا يمكن فصله عن الفكر والعلاقة بينهما كالعلاقة «المنسوجة بين العطر والزهرة» يقول أدونيس:‏

إن الشعر العربي اليوم بات بعيداً عن الفكر وهو ليس أكثر من أناشيد في الفراغ لأنه محروم من المجابهة مع اللغة ومع القضايا الوجودية الكبرى وبشكل عام ليس فيه حوار ثقافي.‏

أدونيس مصمم على الاستمرار في منهجه الذي لا يجرؤ عليه الكثير من المثقفين العرب.‏

يقول: لقد تأثر الشعر العربي في صدر الإسلام وكان بشكل أساسي في خدمة الدين، لكن استعاد انطلاقته في العصر الأموي ليصل إلى ذروته في زمن العباسيين ثم تراجع إلى الوراء.‏

ويرى أدونيس أن الثقافة العربية قائمة على قضيتين أساسيتين هما الدين والشعر، فالجمهور يتحمس عندما يسمع مقطعاً شعرياً رائعاً ويصرخ الله.‏

وبرأيه فإن الشاعر مهاجر بغض النظر عن أصوله وعن ذلك يقول:‏

أنا ولدت في المهجر، المهجر هو الوطن الحقيقي للمبدع ولكي يكون الانسان شاعراً عليه أن يعيش دوماً في حركة مستمرة.‏

يقول أيضاً: إن الشاعر لا يكتب ما يعرفه لأن الكتابة من عالم المجهول وإن لم تكن كذلك فهي ليست كتابة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية