فالأداء العام لا يواكب حجم التحديات ما ينذر بعدم القدرة على خلق الفرص الجديدة للعمل في المجالات الاساسية كالصناعة والتجارة والسياحة وغيرها...
هذا الواقع يؤكد الحاجة الى اعادة احياء معادلة التنمية والمساهمة بها مع القطاع الخاص باعتبار ان كل ليرة تنفق من القطاع العام في المشاريع الاستثمارية تقابلها عشر ليرات من القطاع الخاص.... لكن هل تجعل الازمة المالية اليوم المهمة شاقة واكثر صعوبة؟!
استحقاق
يربط المراقبون بين قدرة القطاع الخاص على تنفيذ دوره التنموي وبين توفر الشروط الموضوعية والبنية التشريعية والتمويل المصرفي علما ان الوصول الى نسبة نمو بالحدود التي أشارت اليها الخطة نحو 7٪ تحتاج الى استثمارات بقيمة 300 مليار ليرة تدخل الى سوق العمل من القطاع الخاص ما يستدعي تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص الى اقصى الدرجات وصولا الى نسبة تنمية مضمونة، فالحاجة اليوم تتطلب حرية اكبر وابعد من ترخيص -خصوصا في ظل الازمة- الى بنية تنظيمية واضحة تبين ما له وماعليه فضلا عن اهمية تطوير القطاع المالي وتوفير المؤسسات المالية التي تقدم الخدمات المالية المتنوعة التي يتطلبها دور هذا القطاع مما يتيح للمؤسسات والشركات العربية والاجنبية ان تأتي الى سورية وتستثمر فيها.
وترى أوساط رجال الاعمال ان دور القطاع الخاص مازال قاصرا في معادلة التنمية ولم يرقَ بعد الى المستوى المطلوب القادر على دخول مجالات الانتاج الكبيرة والمنافسة وتأمين استثمارات كبيرة.
يقول د. راتب الشلاح (ان رجال الاعمال السوريين مازالوا الى اليوم يفكرون في كيفية استخلاص اجراءات اكثر وقوانين من الحكومة تساعدهم على تخفيف اعبائهم المالية او تفيدهم في دعم او ضميمة مشيرا الى ان الحاجة في ظل - الظروف الجديدة - اكبر الى دعم حكومي سواء لجهة تسهيل عمليات التصدير والانتاج او توفير التمويل الصناعي فضلا عن ضرورة اعتماد نظام يحمي المستثمر ويوفر له امكانية الربح).
حلقات ناقصة
بالنسبة للقطاع الصناعي يبدو لنا من قراءة الاحصاءات المتوافرة حتى نهاية 2008 للمشاريع الصناعية ان جملة التشريعات الاخيرة لم تشكّل مناسبة لتفعيل آلية لتنشيط الحركة الاقتصادية، هذا الواقع يقود الى التأكيد بان القطاع الخاص لم يستطع حتى الان التوصل الى حدود الحجم القادر على احياء معادلة التنمية ولعب دوره المطلوب في جذب الاستثمارات وتحقيق النتائج المقبولة لجهة نسب النمو المطلوبة وأن هذه المهمة تزداد صعوبة في ظل ازمة السيولة .
غير ان الحديث عن دور تنموي لهذا الاخير واصلاح حاله لا يتم بالطرق نفسها التي يتم الحديث عن اصلاح القطاع العام والادارات الحكومية فالقطاع الخاص تعود ملكيته للافراد والمؤسسات ولابد من تحفيز اصلاحه عبر تبني ممارسات جديدة في العمل وتطوير الانظمة والقوانين وتوفير بيئة من التنافس وتطوير دور مؤسسات الاقتصاد التي تلزمه بتطوير بنيته.
ويشير غسان القلاع رئيس اتحاد الغرف التجارية الى اهمية تبني رؤية جديدة للقطاع الخاص في مواجهة اتفاقات الشراكة العربية والاوروبية والتركية باعتباره قطاعا لايزال غير مؤهل مع ضرورة تنشيط الاطر القانونية ، وتحول الشركات المتوسطة الى شركات الاموال التي يمكن ان تتوسع وتستقطب الاستثمارات التنموية.
تخوف
ثمة تخوف في ظل الازمة المالية من ان يفشل القطاع الخاص في رفع معدلات الاستثمار وتحقيق نسب نمو عالية في نهاية الخطة الخمسية العاشرة فكما هو معروف يحتاج الاقتصاد الوطني الى تحقيق نمو نسبته 7٪ مع نهاية عام 2010 والى خفض البطالة الى 6٪ هذا يستوجب تأمين 400 الف فرصة عمل واستثمارات بقيمة 300 مليار ليرة سنويا مستحقة على القطاع الخاص لكن هذا الاخير بقي رغم تزايد دوره مؤخرا - ضعيفا و تشكل مؤسساته المتضمنة عشرة عمال او اقل نحو 85٪ من مجموع عدد مؤسساته اما القطاع الخاص الكبير فيفتقر الى مهارات الادارة والتنظيم واستخدام ادوات تقنيات المعلومات والاتصالات فضلا عن مهارات الابتكار والتجديد وهو متهم بضعف الشفافية والتهرب الضريبي الكبير وتدني المسؤولية الاجتماعية.
في المحصلة فإن نتائج الازمة المالية تجعل من المهمة شاقة وضرورية بنفس الوقت لتفعيل حركة الاستثمارات وقيام القطاع الخاص بالدور الفاعل لاظهار اثر الاصلاحات والمساهمات في معادلة التنمية الصعبة!