لإجباره على متابعة السياسات الحالية للإدارة, وخاصة لتيار المحافظين الجدد المتحالف مع اللوبي الصهيوني.
لكن الأكيد أن إدارة بوش توشك أن تعقد اتفاقا مع الحكومة العراقية حول وضع قواتها هناك. ورغم محاولات وزير الدفاع روبرت غيتس تبديد المخاوف الناجمة عن المفاوضات حول وجود عسكري دائم في هذا البلاد من خلال نفيه السعي لإقامة قواعد عسكرية معللا ذلك بأنه ليس في مصلحة واشنطن إقامة قوعد دائمة في العراق إلا أن توم كيسي المتحدث باسم الخارجية الأميركية أكد (أن التفويض الدولي) الذي انتزعته واشنطن من الأمم المتحدة سينتهي بعد أحد عشر شهرا , وبالتالي فإن إدارة بوش تصر على أن يخولها العراقيون سلطة واسعة لتنفيذ العمليات القتالية.
إن بوش يسعى لاتفاق يطيل عمر الاحتلال من خلال سعيه لإبقاء القوات الأميركية فترة طويلة ويقال إن بنود الاتفاق الجديد المزمع عقده يشمل منح حصانة لحماية المقاولين العاملين مع قوات الاحتلال واستثناء الجنود الأميركيين من ملاحقة القضاء العراقي وتمسك الأميركيين بحق اعتقال وسجن العراقيين.
ورغم أنه وبحسب نيويورك تايمز فإن إدارة بوش ستواجه معارضة الحزب الديمقراطي للأسباب التي ذكرناها آنفا لخشيته من أن تؤدي مثل هكذا اتقافيات إلى تكبيل الرئيس المقبل وإجباره على مواصلة سياسات بوش والقبول بوجود عسكري في العراق على المدى الطويل نقول رغم ذلك فإن بوش في الأشهر المتبقية له في الحكم سيعمل مع فريقه من المحافظين الجدد واللوبي الصهيوني وفي المجال الداخلي إلى توريث الرئيس القادم إلى البيت الأبيض قضايا وتوجحهات بدأتها الإدارة الحالية وتمثلت في توسيع دائرة الحروب والعدوان التي شملت حتى الآن أفغانستان والعراق ليستمر القادم الجديد للرئيس بنفس السياسات من خلال جعلها تتصدر جدول أعمال الإدارة القادمة سواء أكانت ديمقراطية أم جمهورية وبالتالي أن يتواصل نفوذ المحافظين الجدد المتحالفين مع اللوبي الصهيوني من خلال إجبار الإدارة القادمة على تبني ايدلولوجيتهم وسياستهم , وأيضا كي يتعود الرأي العام الأميركي على هذه القضايا لتصبح جزءا من اهتماماته اليومية وبالتالي يصعب في المستقبل التخلي عنها.
ومن خلال ذلك تسعى الإدارة الحالية إلى إدامة الاحتلال الأميركي للعراق ليماثل حالة الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية من خلال رفع فزاعة الإرهاب وجعل الحرب ضده ركنا أساسيا من أركان الاستراتيجية الأميركية لعشرات السنين, ومن خلال التلويح بخطر الارهاب وأن الادارة نجحت في إبعاد شبحه عن الولايات المتحدة من خلال محاربته في العراق متجاهلة أنها هي التي خلقت الظروف المؤاتية لنشوء الارهاب بل تغذيه وتشجعه فإنها من خلال التلويح بهذا الخطر تكون إدارة بوش قد مهدت السبيل للتوسع والعدوان في مناطق جديدة تريد السيطرة عليها وفرض هيمنتها. وليس بعيدا عن الحقيقة القول إن إدارة بوش تلوح دوما بفزاعة الخطر من الارهاب وتحديدا الاسلام الراديكالي والذي يسعى على حد زعمها لإقامة خلافة اسلامية على الأراضي الممتدة من إندونيسيا إلى المحيط الأطلسي, وبهذه الطريقة تريد فرض هيمنتها على أقاليم شاسعة وهذه السيطرة تشمل الهيمنة السياسية والاجتماعية والثقافية ناهيلا عن نهب ثروات هذه المناطق وخصوصا النفط عصب الحضارة المعاصرة وبابراز هذا العدو الوهمي تسعى إدارة بوش ومن ورائها الطبقة الحاكمة الأميركية إلى إخافة الأميركيين شعوب الغرب عموما وتعبئتها واستنفارها ماديا ومعنويا لعقود طويلة قادمة. وهي بذلك تستنسخ تجربة سابقة عندما اعتبرت نخب سياسية أميركية الشيوعية خطرا يهدد الحضارة الغربية, واختارت الحرب ضدها ركنا ثابتا في الاستراتيجية الأميركية, لكن الحال مع الإدارة الحالية مختلف, فالرئيس الثالث والأربعون, أي بوش هو أفشل رئيس أميركي وعناصر فشله واضحة للعيان, وقد حصد هزائم لبلاده بدءا من السياسة والاقتصاد وانتهاء بالهزائم العسكرية وأخيرا وليس اخرا نكبات في مجال التعليم والصحة والبيئة وجلب كراهية الشعوب للأميركيين ولم يحقق ايجابيات تذكر في سجله الملطخ بالدم.
فهل سيتمكن بعد هذه الاخفاقات المتوالية من تحقيق إنجاز واحد يذكر له في أذهان الأميركيين?!إن ما تبقى له من شهور معدودة غير كاف بالتأكيد لتبييض صفحته السوداء في عيون الأميركيين.