ولم يتخل عن آماله الكبرى غير أنه في واقع الأمر كان يحصد خيبات الأمل وكانت تضحياته في كل جوله من جولات الصراع غالبا ما تستغل في غير مصلحته ويجري توظيفها في خدمة مشاريع التسوية العقيمة التي كانت تطرح في بازار المفاوضات الأمر الذي الحق به العديد من الانتكاسات, وهو ما جعل التداعيات ذات طابع سياسي وليس عسكريا أو امنيا بالمفهوم الشامل.
فيما مضى كانت قد بدأت مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة بشعار تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني وتصاعدت وتيرة العمل الكفاحي وشكل ذلك نقلة نوعية في المسيرة الوطنية الفلسطينية وفرض ذلك واقعا جديدا أعطى للشعب الفلسطيني أملا وتفاؤلا بعد الخروج من نكبة حزيران وبعد أن اشتد عود المقاومة وأخذت تلعب دورا فاعلا في استنهاض الإرادة الوطنية الفلسطينية والعربية غير أنه وبعد سلسلة من التراجعات والاحباطات ظل زمام المبادرة في يد الجانب الاسرائيلي المعتدي, ما جعل مفهوم الدولة الأمنيه متناقضا مع منطق التحرير.
وبإدراك الفلسطينيين بفشل الحلول المؤقتة, وعدم استعداد الصهانية للدخول في مفاوضات جديه يمكن أن تفضي الى حلول نهائية وجدوا انفسهم بحاجة ماسه الى استعادة البعد والعمق الاستراتيجي للنضال في ظل احتدام التناقض مع المشروع الاسرائيلي الاخطبوطي.
اذ لاسبيل لوقف الاستيطان, ومواجهة الاحتلال إلا بالصمود والمقاومة ولاسيما أ ن الفلسطينيين يمتلكون ما يؤهلهم من المقومات لتعميق أزمة الكيان الصهيوني من خلال العامل الأهم وهو العامل الديمغرافي الذي يتعاظم عاما بعد عام بالاضافة إلى اهتزاز نظريه الردع الاسرائيلية ما يعني ان لجوء القيادة الاسرائيلية إلى استخدام القوة العسكرية والامنية لايحل على الدوام مشكلاتهم ولايضمن لهم تحقيق اهدافهم السياسية.
ومنذ اندلاع انتفاضة الاقصى فقد طرأ تحول على مواز ين القوى داخل الساحة الفلسطينية تنامى مع مرور الوقت ولاسيما بعد اعادة قوات الاحتلال انتشارها في قطاع غزة وتنفيذ خطة فك الارتباط شكلا فيما بعد إزدواجية في السلطة بين فتح وحماس وما نتج عن ذلك من احداث مؤلمة على الصعيد الداخلي الفلسطيني.
لقد كانت من اهم نتائج الخصومة الفلسطينية, ما جرى في قطاع غزة. هو التصفيق الاسرائيلي الاميركي لما جرى في الداخل الفلسطيني, لذلك جاءت مبادرة جورج بوش لعقد اجتماع أنا بوليس ليجعل منه انجازا سياسيا مهما في مقابل الاخفاقات والتعقيدات التي تواجهه في العراق وأفغانستان بالاضافة إلى محاولة ضخ النشاط في عروق حكومة أولمرت المتهالكة, وكان الاخطر في محاولة الضخ هذه مخطط أولمرت القاضي بإعلان اسرائيل دوله يهودية خالصه ما يفتح المجال والطريق أمام حقيقة وشرعنة المشروع الاسرائيلي القديم الجديد القاضي بالبدء بعملية تهجير جماعية على غرار الترانسفير القسري وذلك الأمر لايتوقف عند كف الحديث نهائيا عن حق عودة اللاجئين الذي يمثل جوهر القضية الفلسطينية بل بدء العمل على تهيئة الظروف المناسبة من اجل تهجير 1.5 مليون فلسطيني بقوا في أ رضهم منذ العام .1948
ورغم تجنب الحديث في وثيقة التفاهم عن وصف إسرائيل بأنها دولة يهودية إلا ان كلا من الرئيس بوش واولمرت تحدثا صراحة عن يهودية الدولة وقد تحدث عن ذلك اولمرت بإعلانه اللاءات الاسرائيلية وهي انه لاتفاوض حول القدس, وليس هناك موعد نهائي للمفاوضات ولن يكون هناك اتفاق قبل القضاء على المقاومة الفلسطينية.
أما الاخطر في وثيقة التفاهم التي تمت صياغتها في المؤتمر الاخير في أنا بوليس ما سمي رؤية بوش التي دعا من خلالها إلى اقامة دولتين واحدة للفلسطينيين لاتحقق ايا من الاهداف والاحلام الفلسطينية ولاتمت لهم بأي صلة.. اللهم بالاسم فقط.
أما الثانية فهي دولة يهودية تمكن القيادة الاسرائيلية من استكمال عملية توسيع الاستيطان من خلال خدعة تبادل الاراضي وإلغاء حق العودة من خلال التبادل السكاني وهو الأمر الذي يجعل فكرة الدولة الفلسطينية غير قابلة للتطبيق في ظل سياسة فرض الواقع. ما يعني ان عملية التسوية ستبقى تدور في حلقة مفرغة.
غير ان الكيان الصهيوني وعلى المدى الطويل لن ينعم بالهدوء, فالصراع سيظل مفتوحا على كل الاصعدة بفضل صمود وممانعة الشعب الفلسطيني على أرضه.
*صحفي فلسطيني