هذا وقد أعلن في بداية كانون الثاني الحالي عن ارتفاع نسبة البطالة والتراجع الاستهلاكي الذي سجل رقماً لم تعرف له مثيلاً سابقاً (-0,4 %), فناقوس الخطر بدأ يقرع في أنحاء الولايات المتحدة عامة. وأمام الدعم المباشر الذي أعلن عنه مدير احتياط المال الفيدرالي بن برنانكيه كشف الرئيس الأميركي مؤخراً عن مشروع إنعاش يصل إلى مئة وأربعين مليار دولار.
ورغم الاقتراحات الرسمية التي بدت مطمئنة, إلا أن سرعة ردة الفعل الحكومية أكدت خطورة الوضع الذي تعيشه أميركا. فبينما المواجهات الانتخابية في أشد نشاطها, يلاحظ أن هذه الدولة تتحرك في جو متحفظ جداً حيث يبدو كل جدل سياسي في الوقت الحالي في غير محله. وأما خطر الوقوع في ركود قاس, يلاحظ أن كل العالم متفق على أنه لا بد من التصرف بالسرعة الممكنة بطريقة هادفة وزمنية لإنعاش الاستهلاك.
إن أزمة العقارات التي حدثت في الصيف الماضي أدت إلى مجموعة من الأحداث التي لا تزال آثارها واضحة على الاقتصاد الأميركي, فلقد ضعف النظام المصرفي, وأرجأ المستهلكون مشترياتهم وواجهت الشركات صعوبات استثمارية. أما غياب الحوار الأيديولوجي فقد وجد تفسيره في مستوى المعرفة العامة للحقائق الاقتصادية. ففي الولايات المتحدة, الجميع يعلم ما هو ممكن وما هو غير ممكن.
يبقى أمام السلطة الحل السياسي, فقد تم الإعلان عن التحضير لبرنامج الإنعاش الاقتصادي في كلا المعسكرين الديمقراطي والجمهوري. يتم التحضير اليوم للانتخابات البرلمانية ل 4 تشرين الثاني المقبل مع أمل المرشحين أن تنقشع الغيوم من الآن وحتى ذلك الوقت, إذ لا يرغب أي من المرشحين أن يتهم بعدم قدرته على إنقاذ المشروع الاقتصادي.
كما قدم الرئيس جورج بوش المثال على براغماتية واضحة حين أراد عبثاً الإبقاء على تخفيض الضرائب التي تنتهي في العام .2010 لكنه ما لبث أن تخلى عن مشروعه هذا بعد أن أقنعه وزير المالية هنري بولزون بعدم جدوى الأمر.
ومن الواضح أن عودة المسألة الاقتصادية إلى ميدان الحملة الانتخابية تساعد الديمقراطيين. وهكذا كانت المرشحة هيلاري كلنتون أول من اقترح خطة إنعاش الاقتصاد, وسجلت نقطة تؤكد معرفتها بالملفات ونوعية فريق مستشاريها.
لكن الأميركيين يدركون جيداً عدم وجود الحلول الأعجوبية, ورئيس الولايات المتحدة كائناً من كان ليس بمقدوره إصلاح سوق العقارات أو إعادة الثقة إلى النظام المالي أو تخفيض أسعار البترول.