إذ إن جميع البلدان المذكورة تعاني من الفقر وأنهكت قواها الكوارث الطبيعية كالفيضانات والجفاف والزلازل. وما يزيد المسألة تعقيداً التضخم السكاني السريع الذي يجعل الأرض عاجزة عن إطعامهم بالإضافة إلى أن نسبة أعداد الشباب مرتفعة جداً, لكن التوصل إلى حل تلك المشكلات ممكن عن طريق العمل على تطوير الاقتصاد على المدى البعيد. إلا أن الولايات المتحدة الأميركية مستمرة في معالجة الأعراض عوضاً عن معالجة الأسباب. فهي تلجأ إلى معالجة الصراعات بالوسائل والسبل العسكرية فهي تساند الجيش الأثيوبي في الصومال تارة وتقوم باحتلال بعض البلدان كالعراق وأفغانستان تارة أخرى رغم أن الردود العسكرية عاجزة عن معالجة المشكلات التي أدت إلى نشوب الصراع في المقام الأول, على النقيض من ذلك نجد أن سياسة أميركا تزيد المشكلات تعقيداً وتؤجج نار الصراعات والزمن جدير بأن يثبت أن تلك الحملات العسكرية ستنقلب على رأس أميركا في يوم من الأيام, فقد ساندت أميركا الشاه الإيراني في وقت من الأوقات ومدته بالأسلحة الحربية المتطورة وقد انتقل هذا الإرث الحربي إلى أيد الثوار الذين قلبوا نظام الحكم في إيران ليصبحوا ألد أعداء أميركا تماماً, كما دعمت أميركا العراق في حربه على إيران وانتهى بها الأمر بمهاجمة صدام نفسه وقد ساندت أسامة بن لادن في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي ثم انقلبت عليه, وهكذا نجد أن سياسة الولايات المتحدة الأميركية غير فعالة لاعتمادها على العمل العسكري, إذ أنه حتى فترة إعادة بناء العراق بعد الحرب قام بإدارتها والإشراف عليها البنتاغون عوضاً عن تسليم هذا العمل إلى الوكالات والشركات المدنية. إن ميزانية الولايات المتحدة العسكرية تسيطر على كل شيء حتى على السياسة الخارجية وإذا ما أضفنا ميزانية البنتاغون وميزانية الحرب على أفغانستان والعراق وبرامج التسليح النووي والأمن الوطني ووزارة الخارجية نجد أن الولايات المتحدة ستنفق حوالي ال 800 بليون دولار خلال هذا العام على القضايا الأمنية أي أقل ب 20 بليون دولار فقط مما ينفق على التطوير الصناعي.
هناك في هذه المناطق مشكلات كثيرة فالأطفال يموتون جوعاً والمياه نادرة الوجود والنقص بوسائل وأسباب الرزق ظاهرة كمنطقة دارفور والصومال إذ إن تلك المناطق المذكورة تعج بالسكان الذين يعانون الكثير من الضغوطات الطبيعية كنقص المياه والتصحر الناجم عن انخفاض معدل الأمطار, إن إدارة الرئيس بوش قد فشلت فشلاً ذريعاً في معالجة هذه التحديات البيئية والإحصائية إذ إن ال 800 بليون دولار التي تنفق على القضايا الأمنية لن تتمكن من إرواء أرض أفغانستان وباكستان والسودان والصومال العطشى ونتيجة لذلك لن تتمكن من جلب السلام إذ عوضاً عن النظر إلى معاناة أفراد وأشخاص حقيقيين في الأزمات تنظر أميركا إلى رسوم متحركة وإلى إرهابيين مختبئين وراء كل زاوية إلا أن الوصول إلى عالم أكثر أمناً وسلماً لن يكون أو يصبح ممكناً إلا إذا بدأت أميركا وغيرها من الدول الكبرى في رؤية الأشياء بأعين أعدائهم المزعومين وإدراك حقيقة ظهور الصراعات الحالية كنتيجة الإحباط وحالة اليأس ومعرفة أن تلك الصراعات تحل عبر السعي لتطوير الاقتصاد عوضاً عن شن الحروب وإدراك حقيقة أن الأشياء المشتركة التي تجمع الكائنات البشرية هي إنتماؤها لهذا الكوكب الذي نتنفس جميعاً من هوائه ونشرب من مائه ونسعى لتحقيق الأفضل.