وقد عبرت وسائل الاعلام الغربية والأميركية عن امتعاضها وتخوفها من هذه الخطوة الروسية تجاه إيران, فصحيفة (الغارديان) البريطانية, في تعليق لها على قرار موسكو بتزويد إيران بهذه المنظومة الجديدة من الصواريخ الروسية, كتبت في مقالة لها تقول فيها: (إن منظومة الصواريخ الروسية المعقدة الرؤوس المتطورة, قادرة على إلحاق الهزيمة بالطائرات الحربية الأميركية والإسرائيلية في الوقت ذاته, والأكثر أن صواريخ (س-300) تتسم بالدقة المتناهية والنشاط العالي الكفاءة وتتفوق على صواريخ باتريوت الأميركية, ولديها قدرة القضاء على الصواريخ الأميركية المجنحة الباليستية).
كان على الغارديان أن تتساءل, ماذا ستفعل الطائرات الحربية الأميركية والإسرائيلية المجنحة وغير المجنحة في سماء إيران? وهل ستقوم بزيارة (ودية) إلى هناك?
أما صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية فكتبت تقول: (إن قرار موسكو بتزويد إيران بمنظومة الصواريخ المتعددة الرؤوس, أظهر وكأن كل شيء (مباح) لروسيا! وتوجهت الصحيفة إلى رئيس بلادها متهمة إياه بأنه لا يرغب في توجيه اللوم لروسيا ولا بخلق مشكلة جديدة معها بخصوص هذه الصواريخ ولا بقيام موسكو بتزويد إيران بالوقود النووي الخاص بمحطة بوشهر النووية.
كان من المفترض على صحيفة مثل (نيويورك تايمز) أن ترى أيضاً أن إقدام روسيا على تزويد إيران بالصواريخ المتطورة, ليس سوى رد على خطة الولايات المتحدة بنشر درعها الصاروخي في أوروبا, وهذا المنطق ينسحب أيضاً على الوضع في كوسوفو.
وهنا كان على الصحيفة أن تتحدث أيضاً, بأن نهج واشنطن السياسي في هاتين المسألتين يبدو وكأن كل شيء مباح لها, وكذلك فيما يتعلق بخرقها لاتفاقية الصواريخ المتوسطة المدى.
إن سياسة واشنطن لم تأخذ بعين الاعتبار المصالح الروسية الجيوسياسية والأمنية, ولم تفكر بالرد الروسي على كل هذه المواقف الخطرة.
ولاسيما أن مواقف واشنطن المتعلقة إن كان بالدرع الصاروخي أو بمسألة كوسوفو, وغيرها ستضع روسيا في مواجهة مشكلات معقدة تهددها, ولم تفكر أيضاً بأن سياستها هذه ستضر بأوروبا التي ستجد نفسها متورطة بمشكلة الرد الروسي على هذه السياسة.
ولا ندري لماذا يجب على موسكو أن تصدق واشنطن بأن درعها الصاروخي موجه ضد إيران وليس ضد روسيا?. إن تجاهل حقائق الواقع بهذا الشأن لن يفيد واشنطن, وهذا المنطق ينسحب على أميركا نفسها التي لا تصدق إيران بأنها لا تنوي إنتاج السلاح النووي لأنه يتناقض مع مبادئها الاسلامية.
كان على ساسة الغرب وأميركا أن يلاحظوا, أنه في الآونة الأخيرة تقوم سياسة روسيا تجاه إيران على أساس تنفيذ جميع وعودها المتعلقة ببرنامج إيران النووي, دون تجاوز معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي.
وبالمناسبة, تجد روسيا نفسها الخاسر الأكبر في جميع القضايا المتعلقة بأزمة ملف إيران النووي, فهي ترفض إقدام مجلس الأمن على اتخاذ خطوات جديدة لمعاقبة إيران أو فرض المزيد من العقوبات عليها, في وقت تستمر فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالتعاون مع إيران في الكثير من المجالات.
ويريدون أن تكون روسيا أكثر حزماً مع شريكها الايراني لنسف علاقاتهما القائمة على المصالح المشتركة.
لقد بذلت روسيا الكثير من الجهود لإنقاذ إيران من عقوبات جديدة, لأنها لا ترى أساساً موضوعياً لذلك.
وإذا ما أقدمت واشنطن على توجيه ضربة صاروخية محدودة ضد إيران أملاً في إزاحة الرئيس الإيراني من منصبه, فإنها لم تفكر منطقياً بأن مثل هذه الضربة ستكون لها عواقب خطيرة على المنطقة والعالم.
صحيح أن مثل هذه الخطوة ما زالت احتمالاً ضعيفاً, ولكن في حال حدوثها, ستكون الخاسر الرئيسي في ذلك أيضاً روسيا, بنفس القدر الذي ستكون فيه الخاسر الرئيسي فيما إذا امتلكت إيران السلاح النووي, لأن مستقبل روسيا في هذه الحالة سيكون معرضاً للخطر أكثر من الولايات المتحدة وأكثر من نصب أميركا لدرعها الصاروخي في أوروبا.
إن الجانب الوحيد الذي ستكون فيه روسيا رابحة هو العمل المشترك لإيجاد حل موضوعي ومنطقي وسلمي لملف إيران النووي دون اللجوء إلى استخدام الأساليب العسكرية أو شن الحرب.
وفي هذا الاتجاه تعمل موسكو بالضبط, ونذكر الصحف الغربية أن تزويد موسكو لإيران بالوقود النووي تم بالاتفاق مع الإدارة الأميركية.
وتخوف الغرب من استغلال إيران لموقف روسيا الايجابي منها, فإنه تخوف لا مبرر له, وفي جميع الأحوال, فإن روسيا التي تحترم وعودها واتفاقياتها مع الدول الأخرى, ستستمر في تزويد إيران بالوقود النووي وبالصواريخ المتطورة (س-300) حفاظاً على السلام في المنطقة والعالم!