ويزداد وعي الطلبة والأهل بأن اللغات رأسمال ثمين ليس في نظام العمالة الخارجي وحسب وإنما في أي نظام عمالة في العالم حتى في بلادنا, ويكاد لا يخلو إعلان عن فرصة عمل من شرط إجادة اللغة الانكليزية على نحو خاص, حتى لو كان الأمر متعلقاً بمهنة سائق, وبوجود عشرات المعاهد المتخصصة باللغات في دمشق وبعض المحافظات الأخرى نجد إقبال الشباب على تعلم اللغة لإيجاد فرص عمل وتحسين ظروفهم.
حصة الفراغ
كانت لغتي الثانية الفرنسية ورغم أن منطقتي نامية تعليمياً في ريف حماة إلا أن حصة الفرنسي غالباً كانت فراغاً, إما لتعذر تأمين مدرس أو لأن المعلم هو مدرس لمادة أخرى, عدا عن أن النظرة للفرنسية من قبل الإدارة لم تكن بأهمية الانكليزية, هذا ما أقوله أنا إنها تجربتي مع اللغة الأجنبية.
المناهج وطريقة التدريس
إذاً لعبت مناهج التعليم دوراً أساسياً في ضعف الاهتمام باللغة الثانية وهي الانكليزية ثم الفرنسية ربما تحسنت الأمور اليوم لكن ليس كثيراً, يقول الأستاذ أحمد جديني مدرس الانكليزية في معهد تعليم اللغات في جامعة دمشق: أغلب الطلاب هنا جامعيون ومع ذلك مستواهم مبتدىء, وهذه مشكلة تنم عن خلل تعليم اللغة في المدراس, إذ كيف يدرس الطالب الانكليزية مثلاً سبع سنوات في المدرسة ويصل إلى الجامعة مبتدئاً? صحيح أن المناهج تحسنت لكن ربما طريقة التدريس -وهذه برأيي- متعلقة بهروب الأساتذة الجيدين بسبب أجورهم الضعيفة وعدم تقديرهم, فلم تزل النظرة إلى معلم المدرسة تضم التهميش وعدم التقدير ورغم كل ذلك, الإقبال على اللغة هنا يزيد, بالإضافة إلى حاجتها للعمل أيضاً للتواصل, فالتواصل عبر الميديا والانترنت لعب دوراً كبيراً في تعلمها.
لكل شيء
يقول أمجد الحايك طالب الانكليزية في نفس المعهد: اللغة لكل شيء للعمل والسفر وحتى للحياة الاجتماعية والانكليزية خاصة لأنها لغة العالم الأولى, وتقول ريم طالبة علم الاجتماع ليس من أجل الماجستير فقط أدرس اللغة وإنما لأمتلك رافداً إضافياً يؤمن لي فرصة عمل, والمدرسة لم تعطني أكثر من 30% من اللغة.
لغات أخرى
لا يكتفي الكثير من الشباب والشابات بتعلم الانكليزية والفرنسية, إنما يقبلون على تعلم الألمانية والاسبانية والايطالية وحديثاً اليابانية, يقول قتيبة: بعد أن أطمأنيت إلى إجادتي الانكليزية توجهت إلى الاسبانية فقلت لنفسي كما أن اسبانيا بلد جميل فإن ألمانيا بلد صناعي ولغته مهمة لي وبعد تخرجي من كلية الاقتصاد ستكون أمامي خيارات بين ثلاث لغات لأكمل الدكتوراه.
عروس ومواطن
شريحة أخرى من الشباب السوري ترى أن إجادة لغة أجنبية تفتح أمامها فرصاً متعددة في الهجرة عن طريق التعرف إلى فتاة أجنبية علها تقع في غرام الشاب الذي سيصبح زوجاً ومواطناً في أوروبا أو كندا ويحمل جنسية بلدها, يقول أيمن: هناك معارك للفوز بإحدى الأجنبيات القادمات لدراسة العربية عسى أن تنتهي بالحب والعمل في آن واحد أي السفر.
تكاليف الأحلام
اللغة الأجنبية اليوم هي بوابة الأحلام الوردية بالنسبة للشباب السوري وأهاليهم فهم يدفعون الآلاف لمعاهد تعليم اللغات حيث تبلغ تكلفة أرخص دورة أربعة آلاف وخمسمائة ليرة سورية للصف الواحد لشهر واحد في معهد تعليم اللغات في الجامعة, الذي يستقبل في كل دورة من 4 إلى 5000 طالب إنكليزي .يقول أحد الآباء لا أستطيع أن أكون عائقاً في وجه ابنتي, وأدفع التكاليف بطيب خاطر!! فهل يكون الإقبال على معاهد اللغات والازدحام في أروقة المراكز الثقافة الأجنبية من بعده ينبىء بحيوية جيل وإصراره على تطوير نفسه ولو في مختلف بقاع الأرض ولغاتها المختلفة وحتى لو كانت اليابانية.