وأضاف: إن التفاهم العربي والمعالجة بين كافة الأطراف يؤشران إلى إمكانية عقد قمة عربية ناجحة أواخر هذا الشهر وفتح صفحة جديدة في العلاقات العربية. هذه المواقف وغيرها كانت «للوزير مرهج» الذي التقته الثورة في بيروت وكان هذا الحوار:
كيف ترى المشهد العربي قبيل انعقاد القمة العربية نهاية الشهر الجاري؟.
المشهد العربي يتجه نحو الأفضل ولاسيما أن الحوار بين مختلف الأطراف أصبح قائماً وبوتيرة تتصاعد يوماً بعد يوم والحوار بين القيادات هو بالضبط ما تحتاجه الأمة العربية للخروج من الحالة السلبية التي كانت سائدة حتى الأمس القريب، والجماهير العربية في سائر الأقطار تتطلع بارتياح إلى التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات العربية - العربية، حيث التصميم واضح لفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي والجماعي وتجاوز الكثير من الخلافات القائمة وتنظيم الخلافات المترسبة على قاعدة الاخوة والاحترام المتبادل بعيداً عن الاعتبارات الضيقة التي أدت سابقاً إلى تحويل الخلاف إلى تنابذ واستنزاف للطاقات العربية في وقت يحتاج فيه العرب إلى التعاون والتضامن لمجابهة المشروع الصهيوني المتجدد.
القمة الرباعية التي عقدت في الرياض ما الذي قدمته للقمة العربية المقبلة؟
قمة الرياض الرباعية كانت محطة مهمة على طريق التفاهم العربي والمرتجى والمصالحة التي يتم طرق أبوابها بقوة ومسؤولية تؤشر إلى امكانية عقد قمة ناجحة في قطر أواخر هذا الشهر، ويبقى أن يتحمل كل طرف مسؤوليته في حماية هذه التطورات الإيجابية التي تفتح الطريق نحو قمة ناجحة، في المقابل ثمة جهات وبذرائع مختلفة ستحاول التشكيك في مناخ المصالحة الذي بدأ يخيم على المنطقة العربية، كما أن هناك مصالح داخل كل بلد عربي ترسخت وتعاظمت على قاعدة الانقسام والتنابذ وأصحاب هذه المصالح لايمكن أن يتراجعوا بسهولة عن محاولاتهم وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، إلا إذا شعروا بأن استمرارهم في التشكيك والعرقلة سيرتدعليهم بخسارة مضاعفة، كما أن بعض القوى الأجنبية المتمرسة يبث التفرقة والعداوة بين البلدان العربية ولن تتورع عن التدخل سراً وعلانية لوقف مسيرة الوفاق العربي وهنا على كل المعنيين الاستفادة من تجارب الماضي والتصرف بوحي المصلحة القومية.
في ظل التحولات الجارية في المنطقة ما المطلوب عربياً في هذه المرحلة لمواجهة التحديات التي تتعرض لها الأمة؟.
التحولات التي يعيشها العالم اليوم في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة والتي تظهر انعكاساتها السلبية يوماً بعد يوم على المنطقة العربية تفرض على كل المخلصين الاسراع في اتخاذ اجراءات تنسيقة واتحادية لوقف مسيرة الخسائر الفادحة في الاقتصادات العربية الناتجة عن سوء ائتمان الطبقة الرأسمالية الأميركية التي شنت الحروب الظالمة ومارست أبشع أنواع النهب والاستغلال ضد الشعوب، فلقد ثبت ماكنا نحذر منه أن تلك الطبقة لاتكترث بالنمو المستدام أو العدالة الكونية، وإنما ينحصر همها في السيطرة على ثروات الغير، فالمطلوب في هذه المرحلة هو التنسيق الفعال على الصعيد السياسي حفاظاً على مصالح البلدان العربية وحفاظاً على القضايا العربية ولاسيما بعد انكشاف الإدارة الأميركية التي لم تتورع عن شن حرب ظالمة على العراق ومحاصرة سورية وإيران ومشاركة إسرائيل حربها الفاشلة على المقاومة اللبنانية عام 2006 وحربها المجنونة على غزة عام 2009، إن الدور الحيادي المفترض الذي يمكن أن تقوم به واشنطن في الصراع العربي لا يمكن أن يأتي من فراغ وإنما يحتاج إلى موقف عربي موحد متمسك بالمقاومة وفكرها وثقافتها ومتشبث بالحقوق العربية المغتصبة ومحصن بموقف جماهيري ضاغط بأن الجميع يحسب حسابه وعلى المعنيين إذا أرادوا تحقيق مكاسب مشروعة لبلدانهم وشعوبهم يجب عليهم توثيق علاقاتهم مع شعوبهم والاستقواء بالمقاومة والتحصن بالشرعية الدولية لكسر هذه الحلقة المفرغة التي تدور فيها المنطقة في ظل تفاقم المشروع الصهيوني واصراره على تهويد الأراضي المحتلة وتهجير الشعب الفلسطيني معتمداً على الإدارة الأميركية واللوبي اليهودي في واشنطن، لقد آن الأوان لوقفة عربية جريئة ومسؤولة تتمسك بحق الشعب الفلسطيني ورفع الظلم التاريخي الواقع عليه منذ عقود، إن السير على هذا الطريق هو الذي يدعم السلم الأهلي داخل كل بلد عربي ويساعد على إشاعة التوازن والاستقرار في المنطقة في وقت ثبت فيه أن سلوك الطريق الآخر لن يؤدي إلى المزيد من الفوضى والمعاناة.
ما انعكاسات المتغيرات الدولية على لبنان، وما الذي سيتغير في السياسة الأميركية تجاه المنطقة؟.
فشل مشروع الشرق الأوسط الكبير من جهة وصمود جبهة المقاومة والممانعة من جهة أخرى كانا من جملة العوامل الرئيسة التي أدت إلى انهيار جورج بوش والمحافظين الجدد ومجيء أوباما والحزب الديمقراطي، وفي هذا السياق ولايمكن أن ننسى الترابط العضوي بين الإنفاق الكبير على حرب العراق مع ما رافقه من هدر ونهب أدى إلى نشوب الأزمة الاقتصادية في أميركا فلولا هذه الحرب ومثيلاتها لما تعرض الاقتصاد الأميركي لهذا التراجع وخصوصاً أن حاجة المحافظين الجدد إلى استقطاب التأييد لمغامراتهم الدموية جعلهم مرتهنين لمديري الشركات والمصارف الكبرى الذين عاثوا في الأرض فساداً مستغلين غياب الرقابة والمحاسبة وسقوط كل المعايير والضوابط القانونية والأخلاقية، لنهب الودائع وتحقيق أرباح غير مشروعة، من كل ذلك يمكن الاستنتاج أن تغييراً نوعياً قد حدث في الأوضاع الأميركية ولاسيما لجهة تراجع المشروع الإمبراطوري الذي أصيب بنكسة كبيرة على مستوى العالم كما على المستوى الداخلي حيث أغرق هذا المشروع أميركا في الديون وكشفها على أزمات مفتوحة تحتاج إلى جهود جبارة وخطط طويلة الأمد لمعالجتها وبالتالي لاشك في أن أميركا اليوم هي أضعف من الأمس، ولكن من الخطأ القول إن أميركا خلعت ثوبها الإمبراطوري والعدواني وإن الإدارة الجديدة ستقود جبهة العدالة والسلام في العالم، فالمعطيات مازالت تؤشر إلى مرحلة صحية مملوءة بالعقبات والتحديات على جبهات الاقتصاد والنفط والعدوانية الصهيونية ما يستدعي المزيد من الخطوات التنسيقية والوحدوية لتحصين الأقطار العربية من الأخطار الكامنة وكل أنواع الضغوط والابتزاز التي يمكن أن يلجأ إليها مستعمر جريح ومستوطن متعجرف.