يؤكد الكاتب ستيفن ليندمان في موقع «غلوبال ريسيرش» أن واشنطن تقوم بتجنيد وتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية وخاصة أن هذه الجماعات تتلقى أوامرها من الولايات المتحدة مباشرة ويشير الكاتب إلى أن واشنطن سعت منذ زمن إلى شن حرب في المنطقة مستخدمة تلك التنظيمات الإرهابية كوكلاء لها من أجل ضرب خصومها هناك مضيفاً الأمر بات واضحاً منذ أحداث مايسمى «الربيع العربي» حيث عمل الغرب بقيادة الولايات المتحدة على إزاحة القذافي في ليبيا ويسعى لإسقاط الدولة السورية ويخطط لاحقاً لإلحاق الأذى بأنظمة أخرى لاتوافق سياسة واشنطن مستقبلاً.
ويأتي هذا الكلام ليؤكد ماقاله أميركيون سابقون، وفي طليعتهم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي أعلنت في كتابها «خيارات صعبة» أن الإدارة الأميركية أنشأت «داعش» لتقسيم الشرق الأوسط ثم ليشكل تبريراً أو تفسيراً لمصادر التمويل ذاتها كما للسلوكيات الأميركية حيال «داعش» وفقاً لما أثبته بعد الدرس والتحليل كثير من الباحثين الاستراتيجيين العرب وغير العرب الذين يؤكدون وفقاً لما توصلوا إليه من القناعة العلمية أن «داعش» منتج أميركي ابتدعته أميركا لتنفيذ سياستها في الشرق الأوسط، وتريدها أن تبقى تحت سيطرتها، فإذا خرجت في سلوك أو في منطقة رفعت بوجهها عصا التأنيب دون أن تظهر سيف القتل، فأميركا تتحكم بكل مصادر تمويل «داعش» عبر سيطرتها على القرار في كل الدول التي تزود «داعش» بأموال «داعش» رسمية أوغير رسمية وهي تستطيع بكل بساطة أن تقطع على «داعش» جسور تصدير النفط المسروق إلى تركيا لكن أميركا لاتفعل لأنها تتعهد «داعش» وتريدها قوية قادرة على تنفيذ سياستها والسياسة الصهيونية التي تخدم «اسرائيل» على حد ماقاله خبراء أميركيون منهم كيفن باريت المحاضر الجامعي الأميركي السابق وعضو الفريق العلمي المسؤول عن التحقيق بأحداث 11 أيلول الأميركية الذي قال بأن الولايات المتحدة تتظاهر خارجياً برفضها لأعمال «داعش» إلا أن الحقيقة أنها تدعمها بالأموال والأسلحة لزعزعة الاستقرار خدمة للسياسة الأميركية والصهيونية في الشرق الأوسط.
ويؤكد الكثير من المتابعين والخبراء والباحثين أن أميركا ليست بصدد محاربة «داعش» واجتثاثها كما يحلو للبعض تسويقه لأن أميركا لو أرادت ذلك لكانت سلكت الطريق الذي يؤدي إليه وهو واضح وصريح طريق يبدأ بوقف الدعم والتمويل الذي توفره دول تخضع كلياً للقرار الأميركي مثل قطر ودول خليجية أخرى، ويشمل قطع خطوط الإمداد والتجنيد والتسليح التي تمر عبر تركيا كما لاينسى وجوب حصار «داعش» في أهم مرفق اقتصادي تستند إليه وهو تصدير النفط المسروق من العراق وسورية والذي يسوقه تجار أتراك إلى أوروبا ويرجعون إلى «داعش» بعائدات مالية باهظة تدفع بالدولار الأميركي.
لكن أميركا لاتفعل شيئاً من ذلك، والسبب هو أن حاجتها لداعش لاتزال قائمة، ولذلك كيف لنا أن نصدق بأن التحالف الذي تقوده أميركا ظاهرياً ضد «داعش» هو منشأ من أجل قتالها لابل إن مهمته حسب المحللين توفير مستلزمات بقاء هذا التنظيم واستمراره في حلبة الإجرام ضد الشعبين السوري والعراقي.
وعليه، يرى المتابعون أن وظيفة الضربات الجوية المحدودة التي تنفذها أميركا هي ضبط «داعش» لإبقائها داخل الحدود المرسومة لها ولمنعها من تشتيت الجهد بتوسيع دائرة العمل ماقد يفسد على أميركا خططها ويلحق الضرر بمصالحها.. والمضحك المثير للسخرية هو أن ترى الطائرات الأميركية تقتل داعشياً بقذيفة، ثم تسمح أميركا لأتباعها بإمداد «داعش» بما تحتاج لمواصلة الإجرام في الميدان.. إنها لعبة الدم الأميركية التي احترفتها في علاقاتها الدولية.. ومن يراجع التاريخ يجد فيه مايؤكد هذا الأمر ومامثال القاعدة وأفغانستان وطالبان عنا ببعيد.
لكل هذا نرى أن الحذر واجب في التعامل مع المواقف الأميركية الخادعة، فأميركا لاتريد محاربة الإرهاب جدياً ولو كانت جادة في الأمر لبدأت بالتحالف مع ضحايا الإرهاب الحقيقيين وفي طليعتهم سورية لكنها لاتفعل لأنها تريد للإرهاب أن يستمر، ولهذا يكون علينا أن نستمر في حربنا على الإرهاب حرباً حقيقية نخوضها كما خضناها حتى الآن ومعنا الصادقون الأوفياء من دول العالم بدءاً بمحور المقاومة وروسيا والصين وصولاً إلى كل شريف وصادق في هذه المعمورة أما الأحلاف التي تدعي كذباً حرباً على الإرهاب فمن الطبيعي أن تبقى سورية خارجها.