تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عائدون أم لاجئون

إضاءات
الخميس 23-10-2014
شهناز صبحي فاكوش

خلال هذا الأسبوع كان لرابطة الأمم المتحدة ندوة حول القضية الفلسطينية بين عصبة الأمم والأم المتحدة، القضية الأطول على الطاولة الدولية، مئة عام من الزمن ومن عمر الأمة العربية، ولم تعود لا الأرض الفلسطينية ولا حقوق شعبها.

الحديث يطول حول الملف لأن الإدارة الدولية هزيلة تجاهه، لكن ما ننوه إليه هو تحول حق العودة من مصلحة للتحرير إلى مفهوم متطور في الخطاب السياسي.‏

أما اللافت في ما يخص حق العودة، أن المجلس الفلسطيني في انعقاده الأول أقر تسمية كلمة عائدون على الأهل الفلسطينيين المقتلعين من أرضهم خارج وطنهم بدلاً من كلمة لاجئين، لكن المجتمع الدولي ضغط لإبقاء كلمة لاجئين، في نية مضمرة لتوطينهم في البلاد المضيفة.‏

وتدور عجلة الأيام وتبقى القضية الفلسطينية عصية الحل.. بل لم يكن الصهاينة ولا مختضنها الأميركي غافلون أو مسوفون، بل مخططون وراسمون لتأمين الصهيوني في فلسطين المحتلة، ولتحقيقه لا بد من تدمير دول الطوق أو ربطها فيها.‏

جاءت أميركا محتلة للعراق عام 2003 بعد حصار الشعب العراقي لأكثر من عشر سنوات، بحجة تجريدها من السلاح النووي، الكذبة الكبيرة التي لم تكلفها إلا أسفها بأن المعلومات كانت خاطئة، والنتيجة تشريد الملايين من العراقيين.. وتخريب كل مافيها.. تاريخاً وإنساناً والأهم حل الجيش العراقي بغية عدم مواجهتها.‏

لم ينته الأمر عند هذا الحد لأن حلم الوصول إلى دمشق لم يكن متاحاً لأميركا كما حلمت حينها لتجده محفوفاً بالورود، بل كسرتها المقاومة العراقية مدعومة بالمقاومة السورية واللبنانية.‏

ثارت حفيظة أميركا واستشاطات غيظاً بعد هزيمة ربيبتها في لبنان 2006 رغم توليف بعض الحكومات العربية لمصلحتها، فما كان منها إلا أن جاءت ما دعته الربيع العربي إلى البلاد العربية، بحجة الديمقراطية مختوماً بصنع في أميركا.‏

أما ما يثير الجدل ويغيبه الكثيرون، ممن يحملون شعار الديمقراطية أن ها الربيع لم في الدول التي ينحني فيها عتاة الدولة لصبي لايتجاوز العاشرة لأنه فقط ولي عهد، ولم تهز رياح الربيع المزعوم عقال رأس في إمارة أو مملكةحيث لا تعرف الديمقراطية ولا يشمون ريحها.‏

كان الرهان بعد تفكيك وإفقار الشعب التونسي الذي كانت ميزانيته في معظمها من السياحة المفقودة اليوم وتشتيت الليبي ورياح الديمقراطية الأميركية به وبعد تدمير مقومات دولته، أن إسقاط الدولة السورية التي تخيف الكيان الصهيوني ولا يرتاح بجوار قوتها، لن يطول الوقت لتحقيقه.‏

أصبح العرب في مهب الريح وكثير منهم طعاماً لأسماك البحر، في هروب من عصف الارهاب الذي حملته رياح الربيع الآتي من المطبخ الأميركي.‏

ما أرادته اميركا من عدم عبث الإعصار في مصر حيث كامب ديفيد تحفظ أمان الكيان الصهيوني، فساعدت على الحفاظ وزمزمة رياح الربيع كي لا تتعداه إلى إعصار، لكن إرادة الشعب أسقطت الإخوان الذين دعمتهم.‏

بقيت سورية الهدف الذي تكالبت عليه الصهيونية والخيانة العربية، والسلجوقية العثمانية، ويزداد جميعهم إعمالاً في تفريخ الجماعات الإرهابية ودعمها بالسلاح ومحاولة نشرها في الساحتين السورية والعراقية، لأنهما ببساطة كسرتا الشوكة الأميركية، وأفشلت استراتيجيتهما المرسومة للمنطقة.‏

فكان الصمود وزيادة التمسك بالوحدة الوطنية، وإن كان الثمن باهظاً وفاتورة الصمود كبيرة جداً، إلا أن الشعب السوري الحي والمنتصر دائماً لا يساوم على انتصاره اليوم كما في تاريخه كله.‏

أُخرج الكثير من السوريين خارج أرضهم إما إلى دول الجوار أو أبعد من ذلك، واليوم تريد تركيا تنفيذ مشروعها الذي طرحته من بداية الأحداث في إنشاء منطقة عازلة بذريعة آمنة، وتتطلى خلف أعداد اللاجئين لديها خاصة بعد إشعال عين العرب من قبل داعش.‏

ورقة اللاجئين فاشلة بالمطلق، فهم عائدون إلى سورية اينما كانوا، فأرضهم عربية ودولتهم عربية ومن المؤكد أن التاريخ لن يتكرر ثانية، وسيعود السوريون إلى أرضهم، كما سيعود الفلسطينيون يوماً لفلسطين العربية.‏

إن لعبة ترف الوقت التي تحاول أميركا اللعب عليها، وتلميع ما يدعى بجبهة النصرة واستبعادها من لائحة الإرهاب بعد توصيفها به كونها وليدة القاعدة، ومحاولة إعادة تأهيلها سياسياً واستثنائها من ضرباتها العسكرية المزعومة، والإيعاز لتركيا بتدريبها عسكرياً لتكون وسيلة الزحف التركي على الأراضي السورية، ضرب من الأحلام، كما الخارطة الجهنمية التي تسعى لرسمها.‏

إن الجيش العربي السوري، والفصائل الشعبية الباسلة في عين العرب، ومناطق اخرى، وقوة حلفاء سورية، والهزات التي تواجه مخططات أعداء سورية، ورفض المعارضة السورية في الداخل أي عمل عسكري بري على الاراضي السورية وكذلك ما جدهت أميركا لتدعوه بحلف أهل السنة، هذا الذي أسقط الإخوان المسلمين الذين دعمتهم في مصر.‏

جميعهم في مواجهة الخطر المتربص بسورية، ما جعل السوريين في صف وطني واحد بعيداً عن معارضة ومولاة، لأن الأرض السورية أغلى من أي هوى سياسي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية