وحتى تصل الى المطبخ السوري تكون قد مرت برحلة من الشقاء والتعب الممزوج بالمتعة والفائدة ومن أجل انجاز هذا الموسم بالسرعة المطلوبة فلابد من تحقيق أهم شروطها من العمل التعاوني الجمعي .
فهي فرصة ينتظرها الجميع على أحر من الجمر لاجتماع الأهل والأصدقاء حيث يكون الانطلاق منذ الصباح الباكر لممارسة طقوس القطاف التي تمر بمراحل تجمع الجهد الشاق والمتعة بذات الوقت , حيث يتداول الجميع الحكايات والسير والأخبار التي لا تخلو من المرح , لتجمع ثمارها في آخر النهار ضمن مايسمى (الشوال) ثم تجمع هذه الأكياس في باحة واسعة لا يخلو منها أي منزل ريفي .
في هذا العام لم ينتظر عدد كبير من الناس هطول المطر لكي يباشروا في القطاف فبدؤوا في العمل بعد زخة صغيرة متناثرة منه في فجر ذلك اليوم , فهذا الموسم هو موسم خير ..وهو موسم جيد , مما جعل الغالبية ربما تستعين بعامل يساعدها في قطافه .., فبعد الانتهاء من تجميعه في أكياس يقوم الناي بعملية السرد على المسرد الخاص بالزيتون الذي يفصل الزيتون عن الشوائب الاخرى من الأوراق والغصون الصغيرة فتتزاحم الحبوب في النزول عليه لتستقر على الأرض كومة كبيرة نظيفة ,وضمن هذه المرحلة نقوم بانتقاء الزيتون المخصص للرص , والباقي يلقى في وعاء كبير يدعى (الجعيلة) ضمن ماء مغلي على الحطب , حيث يأخذ وقتا قصيرا , ومن ثم يكوم في زاوية من الباحة الواسعة المخصصة لهذه المرحلة ويغطى بقطعة كبيرة من النايلون حيث يدخل مرحلة التخمير التي تمتد لمدة أسبوع ,ويكشف عنه قبل العصر بيومين حيث يتعرض للشمس والهواء , ويعادل تعبئته مرة أخرى ضمن أكياس مخصصة , لتأتي المرحلة الاخيرة وهي استقراره في المعصرة حيث تتحول تلك الحبات المسلوقة الى زيت ينساب كدمعة خضراء تميل الى السواد رقراقة لتستقر في (البيدون) وهو الاستقرار النهائي لتلك الحبات المباركة .
وهكذا تنتهي رحلة زيت الخريج وهو من أجود الزيوت النباتية السورية وتشتهر في تصنيعه بعض المدن الساحلية ولاسيما مدينة جبلة وقراها , فالزيتون من المحصولات الاستراتيجية الهامة والضرورية الرافدة لاقتصاد البلد ولاسيما ان ادخل في قائمة المواد التصديرية .