نيرون الجاهل بمعنى الوطنية الحقيقية سيطرت عليه الفردية والأنانية، غرق في بحر الخيانة، لما احترقت روما وفق تضارب الرواية في أنه أحرقها أو منع إخماد نارها، شرب نخبها في البرج المرتفع غارقاً بالضحك متلذذاً بمنظر النار التي تأكلها.
صورة من التاريخ جعلت نيرون رمز العقل الأهوج. اليوم تظهر في عالم الأحياء شخوص تشبه نيرون. وإن اختلفت الأسماء والوجوه، والأدوات والسبل.. ليكون الحريق في بعض الأماكن أقسى من النار، فتخرب حياة الشعوب بسبب العقل الأهوج
تحترق المدائن والشعوب أحياناً بسبب سذاجة العقول، أو ضلالها.. ها هي الجزيرة العربية نجد والحجاز، تحترق اقتصادياً بيد ترامب؛ لص مواردها.. والعقل الأهوج لحكامها، ولا أحد يهتم بما ينتهي إليه مصير شعبها. إن احترق أم اكتوى بنيران القِلَّة
أحياناً بحجة القداسة والأمر الإلهي الذي ادعاه بوش الابن، احترقت العراق بنيران قنابله الذكية، وأم القنابل والفوسفورية منها، والحجة السياسية حيازة أسلحة دمار شامل. لم يهتم بإحراق الشعب لا الحاكم العراقي ولا أهوج العقل بوش الابن.
فلسطين العربية تحترق سياسياً، وتتآكل أرضها بالمستوطنات الصهيونية، وآخرها قرار بناء واحدٍ وثلاثين مستوطنة في الخليل. وما زالت صيرورة العقل الأهوج تُسَيِّرُ حكام الكيان الصهيوني، والداخل الفلسطيني بتوالي التنازلات وليحترق شعبها.
أما عراق الآن فحدث ولا حرج، فهوجائية عقل البرزاني فاقد الشرعية في محاولة تقسيم العراق بالاستفتاء غير الشرعي. للانفصال وإنجاز ما يدعى بدولة، ميتة قبل الولادة. عَقَّدَ الأمر في حين بدأت تباشير القضاء الكامل على داعش قاب قوسين.
ما اضطر لتحويل بعض من قوات الجيش العراقي باتجاه كركوك، حفاظاً على الأمن الوطني. ما هلل له أبناء كركوك.. أما البرزاني فمازال متعنتاً باستناده لمباركة الكيان الصهيوني.. في محاولةٍ لتطويق محور المقاومة وضربه.
أما أمريكا فتطلب منه التمهل لقلقها من التوتر معلنة أن رغبتها الإبقاء على العراق موحداً ــ وإن كانت الثقة بأمريكا مفقودة مهما صرحت ــ خشيتها من التمدد الإيراني .
لم يهتم مسعود البرزاني إلا بأنانيته وغروره. وإن شُقَّ الصف السياسي فغير عابئ بعدم رضا الجميع بالانفصال. ما جعل حزب الاتحاد الوطني الديموقراطي يقف إلى جانب الشعب في الإقليم. حفاظاً على الحكومة الاتحادية مسهلاً دخول الجيش لكركوك، ورفع العلم العراقي رمز وحدة الأراضي العراقية. وعراقية كل العراقيين.
كل النزعات التي تدعو للانفصال عن الدولة الأم في أيٍّ من الأقطار التي رسمتها أقلام سايكس وبيكو هي رئات عفنة تتنفس الهواء الصهيوني الساعي لإمراض المنطقة لحساب عافية الكيان المحتل لفلسطين لإنجاز الدولة اليهودية ومحو فلسطين
أما صيرورة العقل الأهوج فأكثر ما تتجلى بالرجل الإشكالية ترامب الذي يتشدق بنقض الاتفاق النووي الإيراني. رغم رفض دول الاتحاد الأوربي بسبب تضررها اقتصادياً. ما جعله يرّحل مقترحه للكونغرس لدراسته تمييعاً لموقفه المتهور.
ما بين الإغواء والإغراق أرخت الشاشات المطلية بنوازع الحقد ظلالها، على المعركة الكلامية التي يخوضها ترامب باتجاهات مختلفة والأهم لديه ملء الخزانة الأمريكية التي يبدو لا أرضية لها. كما تبارك تناغم واشنطن مع الرياض وتل أبيب.
شجرة التاريخ التي حملت الكثير من أسماء المتهورين بهوجائية عقولهم، مع أثقال عمرهم، تُحَمِّلُهَا سجلاتهم حيثما حلوا. حملت وستحمل أسماء قادة وصفوا برجاحة عقلهم وحفاظهم على سيادة أوطانهم. رغم الصعاب والتآمر عليهم كصبيب المطر.
شجرة التاريخ حملت من مصر اسم الزعيم جمال عبد الناصر. وعلى الفرع السوري حفر اسم القائد المؤسس حافظ الأسد. ويسطر اسم قائد الصمود والجيش الأسطوري الرئيس بشار الأسد. وتحمل أسماء من خذلوا شعوبهم راحلين وحاضرين
دائماً يبقى الخيار الأقدس والأشرف، في تحكيم العقل ومواجهة العدو. وتحفيز قواعد الوعي والصمود، للرسوخ في الزمان والمكان، بفائض قوة الداخل، لتظل سنديانة الشموخ مورقة؟، بعيداً عن الصبوات الأدبية والمعنوية حفظاً للأخلاق.
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
بوركت أمير الشعراء، اسمك أحمد شوقي ثمرةً يانعةً مُدَلاة من شجرة التاريخ.