تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عالمحك...لن أعيش (في جلباب أمي)

مجتمع
الثلاثاء 28/3/2006
رويدة عفوف

ونتحرك وننمو ونكبر , على وجودها الظاهر جداً في البيت, الذي يملأ كل شيء .. في رائحة الخبز المحمص المرشوش بالدبس والسمن البلدي , في شراشف الأسرة ناصعة البياض.. في أغطية الوسائد المعشقة برائحة النظافة, في الأواني الملمعة, وطناجر الألمنيوم المصقولة..

أمي التي أعشق.. عودتنا طيلة حياتها التي عشناها في حضنها , على أن تتغلغل في حياتنا إلى حد إلغاء أهم وأعظم وأجمل شيء خلقت له (الحياة).‏

حياتها التي وضعتها جانباً من أجلنا.‏

أمي إمضاء الله على هذه الأرض, تنكرت لمباهج كثيرة في الحياة , ونحن بدورنا سرقنا منها مباهجها القليلة المتواضعة , حرمناها مثلاً متعة مشاهدة المسلسل العربي بعد نشرة الأخبار, فهناك دائماً مسلسل أوبرنامج آخر على القناة الأخرى , ثم لم يبد من المألوف لنا أن تجد الأم التي كرست حياتها للطهو وأعمال المنزل ورعاية الزوج والأولاد , وقتاً للقيام بأشياء تحبها, والغريب أننا لم نعرف ما إذا كانت أمي أحبت أشياء أخرى غيرنا.‏

لقد تنكرت أمي لمفهوم الذات, تنكرت لكينونتها كامرأة, تحت أن تكون جميلة وأنيقة وموجودة لنفسها قبل أن تكون موجودة للآخر .‏

أرى أمي فأحبها أكثر , وأشفق عليها أكثر, كنت ومازلت أتمنى لها حياة غير تلك الحياة, لكنني لا أملك حيال ذلك شيئاً , إلا أن أملك شيئاً واحداً, وهو أن أعض على حياتي بالنواجذ ككنز ثمين , مخافة أن يسرقها الآخرون, حتى وإن كانوا أعز الناس إلى قلبي مني, أحب أولادي, أحب أمومتي , وأعيشها كدور خلاق وجميل, لكنني أحب حياتي كامرأة بنفس القدر ربما أكثر, أشتهي أشياء كثيرة لنفسي , وأسعى للحصول عليها.. لاأشعر بالذنب حين أقول لا لمن أحب .. لاأحس أنني أهملت أولادي وبيتي حين أصرح علناً أنني متعبة وبحاجة للراحة .‏

لا بأس بقليل من الأنانية وبشيء من حب الذات هذه هي الحياة فأنا لن أعيش في جلباب أمي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية