ولعل أولمرت لم يدخر جهداً منذ تسلمه رئاسة الحكومة الاسرائيلية بالوكالة على أن يقدم أوراقه للناخب الاسرائيلي واثبات قدرته على تحصين أمن اسرائىل من خلال مواصلته قتل الفلسطينيين وتنفيذه عمليات ارهابية ضدهم على غرار عملية سجن أريحا واستئنافه مسلسل الاغتيالات والاجتياحات للمخيمات والقرى الفلسطينية وقيادات الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتهم تهديداته بقتل رئيس الحكومة الفلسطيني الجديد من حماس/ اسماعيل هنية/ وغيره من قيادة المنظمات الفلسطينية الأخرى, كما أن أولمرت لم يدخر جهداً في مواصلة سياسة سلفه المتمثلة في دفع قيادة السلطة الفلسطينية باتجاه ممارسة أقوى الضغوط الممكنة على حماس كي يغذي ما أمكن من وسائل الخلاف بينها وبين فتح والمنظمات الفلسطينية الأخرى بهدف افشال حماس من جهة وزرع الفتنة في الشارع الفلسطيني من جهة أخرى وهي الفتنة التي لم تدخر اسرائيل جهداً في اللعب عليها منذ فوز حماس في الانتخابات الشهر الماضي.
كذلك يحاول أولمرت كي يشد الناخب الاسرائىلي إليه ولحشد التأييد الأميركي والأوروبي له إلى عزل حماس باعتبارها لا تزال تصنف أميركياً وأوروبياً أنها منظمة ارهابية وبالتالي فإن عدم التعامل معها من قبل أولمرت سيجلب له هذا التأييد في الساحتين الأميركية والأوروبية كي تدعم برنامجه الذي يتلاقى ضمنياً مع المشروع الأميركي والرغبات الأوروبية كي تذعن حماس للضغوطات الدولية بتغيير جلدها والتنكر لبرنامجها وبالتالي ادخالها في فتنة داخلية بين صفوفها تحصد نتائجها بالطبع اسرائىل وحلفاؤها الأميركيون والأوروبيون.
وبالعودة إلى أفعال أولمرت منذ تسلمه رئاسة الحكومة الاسرائىلية بالوكالة وما ينفذه على أرض الواقع من مسلسل دموي ضد الفلسطينيين لا يقل في قسوته وارهابيته عن سلفه شارون ومن قبله باراك وبيريز ونتنياهو وغيرهم الذين دأبوا على تنفيذ السياسة القائمة على المزيد من قتل الفلسطينيين, المزيد من المستوطنات, المزيد من الرفض لإقامة السلام العادل والشامل.
وهذه العقيدة خير من دلل عليها الأكاديمي الاسرائيلي/ايتاما رابينوفيتش/ السفير السابق في واشنطن من خلال كتابه السلام الصادر في نيويورك عام 1999 الذي يشرح فيه بإسهاب عدم التزام اسرائىل بأي اتفاقية مع الفلسطينيين أم العرب والسعي لاحباطها أو إفشالها لأسباب عقائدية تتعلق بالعقيدة الصهيونية القائمة عليها اسرائىل.
ورابينو فيتش هذا يتطرق في كتابه المذكور على سبيل المثال إلى اتفاق واي ريفر الذي تم توقيعه في البيت الأبيض في تشرين الأول عام 1998 ويتضمن نقل السيطرة للفلسطينيين على أجزاء من الضفة الغربية /13 بالمئة/ مقابل موافقة السلطة الفلسطينية على تعديل ميثاقها الوطني الفلسطيني وحذفها الفقرات الداعية لإزالة اسرائىل. إضافة لقيام السلطة بحملة ضد الجماعات الاسلامية التي تعارض السلام مع اسرائىل والمصنفة بالجماعات الارهابية وفقاً للمعيارين الأميركي والاسرائىلي, رابينوفتش يؤكد في كتابه المذكور أن نتنياهو الذي كان رئيساً للحكومة الاسرائيلية والذي وقع الاتفاق مع الاميركيين والفلسطينيين لم يكن مقتنعاً بإمكان تحقيق تسوية سلمية مع الفلسطينيين لكنه آثر على نفسه توقيع الاتفاق المذكور لاقتناعه بأنه أي الاتفاق لن يرى النور وهذا ما حصل عملياً لأن نتنياهو يؤمن كغيره من قادة الكيان الصهيوني بأن الفلسطينيين وكذلك العرب يجب أن يبقوا دائماً تحت رحمة الاسرائيليين وقوتهم الكاسحة. نعم إنها العنوان العريض لساسة حكام اسرائىل وستبقى لهم شعاراً ومنهجاً لا عودة عنه طالما أنها مستمدة في الأساس من بروتوكولات حكماء صهيون, وسواء فاز أولمرت أم غيره برئاسة الحكومة الاسرائىلية القادمة فإنهم جميعاً على السواء في مركب واحد يبحرون به تحت يافطة القرصنة ثم القرصنة فالقرصنة.