تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


استراتيجية إسرائيل: إنذار مبكــر .. هجـــوم مضاد.. تدخل أميركــي

قاعدة الحدث
الأحد 7-10-2012
إعداد منهل إبراهيم

في صيف سنة 1967 طبقت إسرائيل إستراتيجية في الحرب باعتماد الوسائل الألمانية فعمدت إلى التضليل بالدبلوماسية إلى الحد الذي تحدد فيه يوم الأربعاء الموافق 7/6/1967 موعداً لاجتماع زكريا محي الدين نائب رئيس الجمهورية المصرية في ذلك الوقت بالرئيس الأمريكي

حينذاك ليندون جونسون وذلك لإنهاء النـزاع بالوسائل السلمية ،وعملت إسرائيل على تشتيت الفرقة الرابعة المدرعة المصرية، وجذبها ناحية جنوب سيناء بعيداً عن اتجاه ضربتهم الرئيسية بمحاذاة الساحل الشمالي،‏

مستخدمة في ذلك الطلعات الجوية الكثيفة صوب الجنوب، والدبابات الهيكلية في منطقة الكونتلا.‏‏

وقامت إسرائيل بالهجوم على جميع المطارات المصرية المدنية والعسكرية في الساعة الثامنة وخمسين دقيقة، وهو وقت كان فيه الجزء الأكبر من قادة القوات الجوية لا يزالون في الطريق إلى وحداتهم، أو يتناولون فيه الإفطار وقد كسبت إسرائيل من هذه المفاجأة الكثير في عدوان الـ 67، وتجاوزت نظرية الحدود الأمنية في إستراتيجيتها العسكرية وانطلقت لتهديد أمن ثلاث دول عربية مجتمعة، بدعوى الحفاظ على الأمن وإجبار تلك الدول على التسليم بسياسة الأمر الواقع الأمنية، هذه الاستراتيجية التي سرعان ما تراجعت في حرب تشرين التحريرية عام 1973 .‏‏

وفي حرب تشرين اتبعت إسرائيل استراتيجية تقضي أن تنتهي كل مواجهة عسكرية بين إسرائيل والدول العربية بانتصار عسكري إسرائيلي سريع وقد تحدث قادة كيان الاحتلال عن هذه الاستراتيجية بقولهم : (يجب أن يحسم الجيش الحرب بأسرع ما يمكن، ويجب أن يحطم هيبة الدول العربية وقدرتها الحربية عن طريق تدمير القوات العسكرية والبنية القتالية .. حرب هجومية بهدف تدمير القدرة القتالية للقوات الجوية في أقصر وقت ممكن، بأقل ما يمكن من الثمن الإسرائيلي)‏‏

وتتعلق هذه الإستراتيجية بتدخل الدول العظمى في الحرب ، وقد أدرك قادة الكيان الصهيوني ذلك ووضعوه بالاعتبار في حساباتهم دائماً، يقول شمعون بيرس: (لقد كان طيف تدخل الدول العظمى يحوم فوق إسرائيل في كل حروبها الماضية، وذلك بهدف منع تحقيق حسم إستراتيجي كامل، وهذا الشيء متوقع أيضاً في كل حروب المستقبل).‏‏

ويمكننا أن نجد تعبيراً واضحاً لهذا الوضع في وصف أسلوب تفكير شارون وزير الحرب السابق الذي ورد على لسان أحد المقربين منه حيث قال: (أهجم، أهجم) هذا ما ظــل شــارون يــردده دون انقطاع طيلة حوالي عشرين ساعة منذ اندلاع الحرب .‏‏

والاستنتاج الذي يمكن استنباطه مما سبق هو أن الجيش الإسرائيلي يجد صعوبة في إدارة (معارك دفاعية)، وهذا ما أثبتته حرب تشرين ، وذلك يعود أولاً وقبل كل شيء إلى عيب في النظرية التكتيكية الهجومية الإستراتيجية الأمنية، يشمل أساليب القتال والتدريب والاستعداد في مجال( الدفاع).‏‏

واستندت إسرائيل في حرب تشرين 1973 على الدعم الفوري الذي يقدمه السلاح الجوي، إذ لم تتواجد على امتداد الخط الأمامي ذاته سوى 70 دبابة تقريبا وقوة مشاة محدودة وما بين 3-4 بطاريات مدفعية، وواصلت إسرائيل التمسك بتصور خاطئ عن أهداف الحرب العربية عشية حرب تشرين وخلالها أيضا، فالمعلومات الواضحة التي تتحدث عن قيام المصريين والسوريين بحشد قواتهم العسكرية استعداداً للحرب لم تدفع القيادة السياسية الإسرائيلية إلى تصديق الحرب حقا وكان الموقف الإسرائيلي يرى بأن مثل هذه الحرب ستحسم عسكريا لمصلحة إسرائيل.‏‏

اتبع جيش العدو الإسرائيلي أسلوب الهجوم المضاد ونفذ الإسرائيليون الهجوم المضاد الأول الذي فشل في الجبهة الجنوبية وبدأ الجيش الإسرائيلي مسيرة تعاظم كمي ضخم وبصورة غير مسبوقة وزاد حجم الجيش الإسرائيلي بحوالي الثلث مقارنة بحجمه قبل الحرب وزادت قواته النظامية بما يقرب إلى النصف وقد كان واضحا أن اعتماد إسرائيل على تحصيناتها و دباباتها فقط في معارك كثيرة سبب فشلها في هذه المعارك.‏‏

وقد اتبع جهاز المخابرات الإسرائيلية نظام الإنذار المبكر كجزء من الإستراتيجية العسكرية في الحرب كأحد الأسباب الرئيسية لتوفير الإمكانيات لجيش العدو الصهيوني لتنفيذ خططه السابقة عن الحرب لكنها فشلت ولم تنجح كما حدث في الحروب السابقة في تحقيق الحسم السريع على الجيوش العربية، مع العلم أن القوة الرئيسية للجيش الصهيوني تعتمد على وحدات الاحتياط وهذا ما حدث فعلاً في حرب تشرين حيث استدعت قيادة جيش العدو الصهيوني أعداداً كبيرة للاحتياط كجزء من إستراتيجيتها العسكرية أثناء الحرب .‏‏

حرب تشرين التحريرية عام 1973 أثبتت عدم ضمان تحقيق النصر الإسرائيلي في كل مجابهة عسكرية، كما هي الحال أيضاً في حرب لبنان الأخيرة، ويذكر هنا فشل (عنصر الردع) الإسرائيلي في تلك الحرب، ما دفع المخططين الإستراتيجيين الإسرائيليين للبحث عن وسائل أخرى لتحسين ما يسمى قدرة الردع الإسرائيلية، مثل التهديد بضرب البنى التحتية لأي دولة عربية كثمن باهظ إذا بدأت حرباً ضد إسرائيل، غير أن هذه النظرية في مجال الردع حققت نتائج جزئية فقط في ضوء فشل إسرائيل في حرب لبنان وفي الأراضي الفلسطينية.‏‏

ويمكن القول إن الآراء القديمة والنظريات السابقة لا تزال هي السائدة في إستراتيجية الكيان الصهيوني ، وهي التي تعارض (الحرب الدفاعية )وتكرس أسس الحرب الهجومية في صفوف الجيش الإسرائيلي، بل إن التدريبات وانتشار القوات يعتمدان على أسس النظريات القديمة، وإن حدوث أي تغييرات أو تجديد في خطط القتال أو في تشكيل القوات لا تزال تجد المعارضة الشديدة، بدعوى أن ذلك سيؤدي ضمناً إلى المس بمستوى جاهزية الجيش الصهيوني للحرب،‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية