حلب القلعة
رؤيـــــــــة الأحد 7-10-2012 فاديا مصارع قبل أعوام دُعيت لحضور حفل تتويج حلب عاصمة للثقافة الإسلامية وصادف أن كانت إقامتنا في «البارون» الفندق التاريخي العريق الذي كان مقصد المشاهير من كل أنحاء العالم، منهم الملك فيصل الذي ألقى خطاب الاستقلال بعد الثورة من شرفة أحد غرفه،
وجمال عبد الناصر، وإبراهيم هنانو، وفارس الخوري، وشارل ديغول، والكاتبة «أجاتا كريستي» التي أنجزت بين جنباته وتحديداً في الغرفة رقم «213» روايتها الشهيرة «جريمة في قطار الشرق السريع» والآن وأنا أشاهد ما يحدث من تخريب لبوابة الشرق وعروس المدن ومحطة القوافل، مهد الحضارة مدينة سيف الدولة والمتنبي والفارابي وأبي فراس يخطر في بالي ألف سؤال وسؤال.. ماذا لو كانت ملكة الرواية البوليسية اليوم على قيد الحياة وزارت المدينة التي فتنتها بعظمة قلعتها وروعة خاناتها وأسواقها الشرقية البديعة كم جريمة قتل ستوثق؟!.. وكم رواية ستكتب.. وكم أغنية للموت ستسجل.. كم من المآسي والكوارث الإنسانية ستترجم إلى لغات عدة.. وكم من النسخ ستباع في بلاد الحرية والديمقراطية من روايات الألم والموت الذي صدّروه إلى الشهباء التي أرادوا ذبحها وما كادوا يفعلون؟! وما الذي ستخبره الأديبة كوليت خوري لجدها المناضل الفارس عن الفتنة الكبرى التي أرادوا إشعالها في حلب وهو الذي وقف ذات يوم على منبر الجامع الأموي ليشهد ألا إله إلا الله درءاً لفتنة افتعلها الفرنسيون، ربما ما يثلج الصدر أنها لا شك ستضيف ورقة مشرقة للتاريخ في أوراقه وهي أن عاصمة الثقافة الإسلامية تعاقب اليوم لأنها رفضت الطائفية، لكنها رغم كل ما تفعله يد الإجرام فيها من قتل وذبح وتخريب لا تزال قلب الحياة والمدينة الإسلامية الوحيدة التي تحمل التراث المعماري المذهل، كما أنها ما زالت تمثل نموذجاً للتسامح الديني والاعتراف بالآخر والعيش المشترك بين شتى الأديان والمذاهب تحت مظلة حضارة إنسانية رفيعة استوعبت كل الحضارات السابقة في إطار الحضارة الإسلامية المرنة الداعية إلى الحوار والموعظة الحسنة، وأنها لابد ستطفئ الحرائق التي أشعلها التكفيريون في قلبها وستبقى القلعة المنصورة ذكرها في كل مكان يطير والأرض الطيبة أم الحجارة البيض كما قلوب أهلها وستظل قصدنا والسبيل.
|