تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خلاصة الاستراتيجية الأميركية : لن ننسحب من العالم

شؤون سياسية
الأحد 7-10-2012
فؤاد الوادي

على الرغم من أنها لاتتعدى في مقاصدها أبعد من حدود الدعاية الانتخابية المحضة .. إلا أن كلمات الرئيس الاميركي باراك اوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والستين والتي قال فيها : ( إن أميركا لن تنسحب من العالم )

تشرح وترسم والأهم من ذلك أنها تلخص استراتيجية الولايات المتحدة المتبعة في العالم منذ أكثر من ستة عقود وتحديدا بعيد الحرب العالمية الثانية التي رسمت واقعاً دولياً مختلفاً يرتكز على معادلات وتوازنات جديدة فرضتها نتائج تلك الحرب وتداعياتها التي كان من أبرزها تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ومتناقضين في الأهداف والسياسة والإستراتيجية .‏

ذلك التحارب والصراع من أجل القوة أدى الى سباق محموم في التسلح والنفوذ والتمدد نحو الخارج سياسيا وعسكريا مع اختلاف الطرق وتنوع الأساليب عند كل من المعسكرين لبلوغ وتحقيق هذا التفوق العسكري والجيوسياسي الذي كانت تحكمه تناقضات وأهداف وتطلعات المعسكرين حيث كانت تطبع المعسكر الغربي الذي تتسيده الولايات المتحدة الأميركية والتطلعات الاستعمارية التي تسعى للهيمنة على العالم والسيطرة على خيرات المنطقة العربية ونهب ثروات الشعوب النامية والفقيرة .‏

التطلعات الاستعمارية للإمبراطورية الأميركية جعلت من واشنطن تتجاوز كل المبادئ والقيم البشرية وكل القوانين الوضعية والأخلاقية الى حدود الإفراط والتطرف الذي ترجم على الأرض بشكل واضح وعملي عندما ألقت الولايات المتحدة الأميركية قنبلتين نوويتين على مدينتي ناكازاكي وهيروشيما في السادس والتاسع من أب من العام 1945 ، ليعلن بعد ذلك التاريخ عن بدء عصر جديد من القوة بزعامة الولايات المتحدة الأميركية عنوانه العريض انحطاط السياسة والأخلاق وتسخيرهما لتحقيق غايات الأخيرة ومصالحها ونفوذها ومخططاتها.‏

انحطاط السياسة والاخلاق عند الساسة الاميركان تجلى بشكل واضح من خلال استغلالها لشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أحسن استغلال حيث جعلت من تلك المبادئ مطية لتحقيق طموحاتها الاستعمارية وتجاوز كل الخطوط الحمراء الأخلاقية منها والسياسية فكان من أبرز ثمار تلك السياسة زرع الوجود الاميركي في معظم دول العالم وخاصة تلك التي تنضوي تحت النفوذ والجناح الاميركي ، على عكس بقية الدول الرافضة معظمها للنهج الاميركي الاستعماري ، الأمر الذي تطلب من الامبراطورية العظمى وضع تلك الدول تحت المجهر الاميركي من أجل اختراقها عبر حصارها وزعزعة استقرارها وضرب وحدتها او عبر غزوها واحتلالها وضرب كل كياناتها السياسية والمؤسساتية والشعبية بعد التلطي لتحقيق تلك الغايات خلف الشعارات السالفة الذكر أو من خلال اختراع أعداء وهميين في الدول المناوئة للامبراطورية الأميركية ثم مهاجمتهم وفرض واقع جديد على الأرض .‏

إن كلمات الرئيس الاميركي باراك اوباما أمام الجمعية العامة ( لن ننسحب من العالم ) تعكس عند الغوص عميقا لاستحضار تاريخ الامبراطورية العظمى منذ لحظة إطلاق شارة بدء عصر انحطاط السياسة والأخلاق .. تعكس استراتيجية تترجم نهما اميركيا مفتوحا بلا حدود وطموحا متزايدا ومستمرا في التمدد اكثر في دول العالم عموما وفي دول المنطقة خصوصا ، الأمر الذي سوف يفرض ويستوجب من الإدارات الأميركية المتعاقبة خلق المزيد من الفتن والمشاكل والأزمات وصناعة الحروب في المنطقة والعالم للحفاظ على التواجد الأميركي في تلك الدول من جهة والانطلاق نحو مواقع ومناطق اكثر استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية ، ولعل مايجري اليوم في سورية يفسر الى حد بعيد الاستراتيجية الأميركية التي تقوم على إزاحة كل من يقف في طريقها حيث باتت تشكل سورية اليوم حجر العثرة الكبير أمام تلك السياسات والمخططات الأميركية التي تسعى لالتهام العالم .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية