تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لماذا تكرهنا... ولماذا نكره أميركا؟!

شؤون سياسية
الأحد 7-10-2012
حسن حسن

يعرف العالم العربي موجة متزايده من الكراهية تجاه الولايات المتحدة الأميركية لأسباب عديدة منها: موقف واشنطن من قضية الصراع العربي «الاسرائيلي» والدعم الأميركي المطلق للكيان الصهيوني.

وإذا كانت مشاريع القرارات التي تقدم بها العرب إلى مجلس الأمن لإدانة ممارسات «اسرائيل» وأفعالها الإجرامية تواجه بـ « فيتو» أميركي، فإن ذلك يؤكد حقيقة موقف أميركا الداعم لإسرائيل في قضية الصراع العربي- «الإسرائيلي»بل والمنحاز إليها باستمرار، رغم الوعود الأميركية بوقف الاستيطان واقامة الدولة الفلسطينية.‏

ولأن أميركا سخّرت الأمم المتحدة ومؤسساتها وخاصة مجلس الأمن وفقاً لمصالح «اسرائيل» فإن اعلانها الفردي عن أن الاستيطان غير شرعي وغير قانوني ما هو إلاّ لتهدئة خواطر بعض الفلسطينيين الذي راهنوا لبعض الوقت على الإدارة الأميركية، وما لبثوا أن اكتشفوا فيما بعد الدعم الأميركي اللامحدود المتواصل لجرائم الاحتلال «الاسرائيلي» إلى جانب تقويضه القانون الدولي والشرعية الدولية.‏

في بيروت، تنصلت الولايات المتحدة من مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وأعلنت أن أميركا لم ولن تؤيد مطالب لبنان و«اسرائيل» مشددة على أنها ليست فريقاً في هذه المسألة، التي تهدف أميركا من ورائها إلى اجراء محادثات مباشرة يرفضها لبنان. مبدية استعدادها للمساعدة في أي طريقة يتفق عليها الجانبان؟!‏

أمّا في مصر، فقد كان واضحاً أن ادارة أوباما تسرعت ثم ارتبكت ثم عادت لتصحح، وواضح أن ثمة من يرى في هذه الإدارة كما في سابقاتها، سياسة لاتقوم على ثوابت ولا تحترم تقاليد ولا تفي بوعود، فهي يمكن أن تدعم من يقدم نفسه إليها مطية إلى الآخر و أن تذهب معه إلى حيث يريد، لكنها في الوقت نفسه يمكن أن تتخلى عنه بسهولة كبيرة، وعند أول احراج بسيط لها، بل أن تنقلب عليه لو تطلبت مصالحها ذلك، لقد اكتشف النظام في مصر أن وفاء أميركا بوعودها لا يقع موقعه إلاّ في حال «اسرائيل».‏

أمّا في سورية التي تواجه قيادة وشعباً في هذه الأيام حلقة خطيرة من حلقات المخطط الصهيو-أميركي الذي وضعه صقور اليمين المتطرف في ادارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، فإن سياسة أميركا لا تخفى على أحد، لأن كل المخلصين الوطنيين يدركون أبعاد محاولاتها لإعادة احياء مشروع الفوضى الخلاقة من أجل خلق شرق أوسط جديد.‏

يستدل مما سبق أن الولايات المتحدة لم تغير من سياساتها تجاه الصراع العربي-«الاسرائيلي» سواء أكانت ادارتها جمهورية أم ديمقراطية ، لأن الناظم الوحيد لعملها هو محاباة الكيان «الاسرائيلي» ومناصرة الظلم والعدوان والوقوف ضد حق الشعب الفلسطيني في التحرر واقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني.‏

لقد مثلت«اسرائيل» مصدر قوة ونفع لأميركا في المجالات العسكرية والسياسية وتؤمن لها مصالحها في الشرق الأوسط لفرض سيطرتها على الدول العربية والتحكم بقراراتها والتدخل في شؤونها الداخلية وعرقلة مسيرة تطورها واعاقة تقدمها.‏

كما أن الولايات المتحدة و«اسرائيل» تعملان على فرض هيمنتهما على الوطن العربي، و القضاء نهائياً على فكرة وحدوية وتصفية قضية فلسطين، وزعزعة الأنظمة العربية الوطنية والعمل على تقسيم المنطقة إلى دول وطوائف ومذاهب متناحرة، كما أنهما ما انفكتا تعملان على محاربة العروبة، وتقويض كل الأنظمة العربية وما حدث ويحدث في السودان والصومال واليمن وليبيا وسورية ومصر وكل الدول من دون استثناء خير دليل على ذلك.‏

لقد فشلت الحروب الأميركية و«الاسرائيلية» في كسر ارادة الشعب والأمة، وفشلت واشنطن وتل أبيب في اعادة صوغ عقل وروح وفكر الإنسان العربي بالقضاء على الثقافة العربية وأمركة المنطقة وصهينتها. إننا نشهد جميعاً ازدياد كراهية شعوب المنطقة، بل شعوب العالم أجمع لأميركا و«اسرائيل» نتيجة الدور التخريبي الذي تؤديه الولايات المتحدة في الوطن العربي.‏

ولمزيد من الإيضاح، فإن الأسباب التي أدت إلى زرع الكره والبغضاء لأميركا هي تصرفات جنودها الذين يقتلون من أجل القتل.. وللتسلية حسبما رأى العالم و شاهد في فضائح سجن أبو غريب.‏

ولأن أميركا تعتبر نفسها سيدة العالم العسكرية، فإنها تعطي نفسها الحق في أن تفعل ما تشاء وهي تفرض على العالم دينها الجديد«البراغماتية» والتي في تحليلها الأخلاقي ليست إلا الطلب من الإنسان أن يعيش يومه، وألا يفكر في الماضي وينسلخ عنه ليكون ابن يومه وابن ملذات يومه الجسدية، وألا يفكر في المستقبل، بل أن يترك لسادة البيت الأبيض أن يحفروا اسمهم عميقاً في ذاكرة التاريخ بأنهم سادة اليوم والمستقبل !! ويسألونك لماذا يكرهنا العالم ؟‏

نعم.. نحن نكره أميركا لأنها قتلت وشردت وشرذمت في العراق، وقتلت وتقتل وتشرد بسلاحها أبناء شعبنا في لبنان، وساهمت ودعمت احتلال أراضيها في سورية والأردن ولبنان ومصر، وتتآمر على مقاومتنا في لبنان، ودعمت وتدعم «اسرائيل» في بقاء احتلالها وتوسيع رقعته على أرض فلسطين. نعم.. نحن نحب شعوب- كوبا وفيتنام وأميركا اللاتينية لأنها علمت أميركا الدرس، كما تحب كل الشعوب التي تناضل من أجل حريتها.. ولأن الحرية واحدة. لكننا.. نحن نكره أميركا. لأنها تعمل على إذكاء التفرقة وزرع بذور الفتنة والتجزئة في كل ساح عربية، ولأنها تدعم وتساند كل أنظمة الاستسلام والخنوع وتنشر وتعمم ثقافة السجن والاعتقال على غرار غوانتانامو وأبو غريب والسجون السرية وتلاحق المقاومين والثوار.‏

نعم .. نحن نكرهها وسنعمل على زرع هذه الثقافة ما دامت أميركا تنتهج سياسة الانحياز والتعامي عن حقيقة الصراع الدائر في منطقتنا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية