تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كلمة أولى بين المكان و المحبُيِّن ...

ملحق ثقافي
21/3/2006م
حسين عبد الكريم

للحُبِّ ناموسٌ واحد: التضحيهْ. وبهذا التأويل، وَبغيره؛ الحبُّ بطولة، أو حنينٌ جسورٌ، لاتقتله القطيعةُ، أوتميت غصونه!!

والمكان ظرفٌ يتسع لهاجس المحبة، والتواصل، ويبني في أقاليم النفس «جغرافيا» لاتتبدل أحوالها وفصولها، وأزمنتها خارج حراك الوجد، ومفكرة الروح والوجدان.. المتنبي كأنَّ حلب خبّأت أعراس حنين، في نبرة حزنه واشتياقه..ونراه لا يترك أو يهجر هذه الأعراس، على امتداد شجنه ونشيده.. وكان سيف الدولة خيرَ صديق للمكان المحبوب، وكانت خولة أخته شمس قصيدة التوق.. «شرُّ البلادِ مكانٌ لاصديقَ به وشرُّ ما يكسبُ الإنسانُ ما يصمُ إذا ترحّلتَ عن قومٍ وقد قدروا أن لاتفارقَهم فالرَّاحلون هُمُ» المكانُ قومٌ وأصدقاءُ وحبٌّ يبدأ ثمَّ لاينتهي.. «يتأنسن» الشجر والهواء، والأفق.. والجهات تصيرُ محلَّ أسف أو صوابَ محبين، أفقدتهم الفراقات وعي الرجوع أو البعاد. وليس كالأمكنة التي هي الأمُّ، التي لاقطيعة معها.. تصنع من الوجع ملكةَ بطولة ومقاومة، كالتي في فلسطين والعراق: كلَّ موتٍ ودمٍ، تكبرُ طَلْعَةُ الأرض، وتتوضّحُ صورةُ الوحشية التي يَحتمي بها وجه المحتلين.. القصيدة العصماء، التي على تفعيلة الدم والفداء المرّ جداً.. ولايكونُ الفداءُ إلاّ مراً وعظيماً!! إنها قصيدة الانتماء إلى الأمومة المبدعة: الأرضُ أمٌ، والحنينُ نشيدُها الأبدي.. والمقاومه هي التوضيح الذي لايختلف حوله الشارحون، والمحبون المضحُّون، الذين هم صلةُ الجمرِ بين الأمِّ ووردِ روحها.. وهم البقاءُ الكريمُ،رغمَ ارتحالهمِ... بهذه الإشارة؛ الفراقات ليست تقويضاً للأُلفةِ، وليست أذىً للعلاقة التي بين المكان والأبناء، بل قافيةً أخيرةً وأولى لكلِّ أبيات القصيدة... تفعيلة واحدةٌ متنوعة الموسيقا، تنسجم مع توهّج الدم، الذي تكتبه علاقة المحب بالحبيبة الأكيدة، الأرض، الحاملة صلبانها وخلاصاتها بيد التضحية والمحبة.. عبر الأزمنة،لم تنفصل المحبة عن التضحية، والأرض عن الأبناء الحقيقين، الذين هم شِعرها وأغانيها،وأسماؤها، ودمهم حِبر كتابها الوحيد: العطاء. المكان الوطن له كتاب واحد، وعنوان واحد، وكتَّاب كثيرون،يتشاركون في لمِّ شمل حروفه، وجروحه،و دلالاته.. في كلِّ لحظةٍ ومرارهٍ نقرأ كلمةً الدم العربي المتحارب مع الهمجية، في فلسطين والعراق.. وهذا الدم هو أضخمُ كُتبِ هذا العصر.. والمقاومة ملحمةُ الملاحم،وأبجديةُ الأبجديات، التي لاغنى عنها،و لافلات من كلِّ حرفٍ من حروفها.. المتنبي عبقربةٌ عبّرت عن جدارة المكان بالمحبةِ والقصيدة.. وعبقرياتُ الدم العربي، اليوم تُعبِّرُ بكلِّ البلاغة عن جدارة التواصل الذي بين الأرض وأفرادِ عائلتها. لامعنى لحياةٍ لايكتملُ فيها الحنين، بين الأمومةِ والأبناء، وبين المحبوبةِ والمحبين، كيف يتجلّى هذا الحنين، وكيف يصير... هو لايخطىءُ القصدَ،مهما تشابكت عليه الحِيَلُ وأحوالُ التزوير والتدمير.. إنّه سيّدُ العارفين!! وكثيرٌ من السؤال ِاشتياقٌ وكثيرٌ من ردِّه تعليلُ‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية