بل تعني في السياق أنها ستستمر لعدة سنوات أخر.وأن نتائج الحرب ستكون إحدى أولويات الرئيس الأمريكي الجديد وإحدى النتائج التي ستواجه أميركا هي أن الولايات المتحدة الامريكية ستجد نفسها دون أي مبادىء حيوية أو قيم معنوية لأخذ القرارات بغض النظر عن استخدام القوة فقد التزمت الولايات المتحدة الامريكية في يوم من الأيام ببعض القيم البارزة لأن حربها في فيتنام علمتها اللجوء إلى استخدام القوة كحل أو خيار أخير من أجل الدفاع عن مصالحها الحيوية وتوصلت إلى أن اللجوء إلى العنف واستخدامه علانية هو استراتيجية خاطئة, بيد أن الحرب الباردة وحماسة الولايات المتحدة الاميركية لصناعة وحيازة الأسلحة الدقيقة قد أضعفت إن لم نقل أطاحت بتلك المبادئ إذ خلال عام 1990 كان استخدام القوة محصوراً على نطاق ضيق .
شيئاً فشيئاً نسيت أميركا أهمية الدروس التي تعلمتها من فيتنام, كما ساعدت هجمات الحادي عشر من أيلول في تحفيز الادارة الاميركية على نبذ كل العبر التي حصدتها في حربها على فيتنام وهكذا ومن خلال استخدام ما أطلق عليه بوش اسم الحرب الوقائية أعلنت الولايات المتحدة الامريكية عن رغبتها القوية في تغيير (الشرق الأوسط) والعمل على إيقاف أي هجمات إرهابية محتملة .هكذا تحولت القوة التي كانت الولايات المتحدة الامريكية تلجأ إليها كحل أخير إلى أداة مفضلة وهكذا منحت الدوافع العدائية التي أدت إلى الحرب مبررات جعلتها تبدو حرباً ضرورية لكن أهم الادعاءات والمزاعم الاميركية التي افترضت أن الجيش الاميركي لن يهزم وأنه سيحقق انتصاراً سريعاً وحاسماً ونصراً اقتصادياً ساحقاً وأن (الشرق الأوسط) قد أصبح جاهزاً للتغيير ومستعداً لتلقي القيم الاميركية. بيد أن تلك المزاعم قد أحبطت وتبين أن القوات الاميركية غير قادرة على تحقيق نصر عسكري سريع أو نصراقتصادي ورغم آلاف البلايين من الدولارات ورغم الأرواح التي أزهقت في الحرب الاميركية على أفغانستان والعراق إلا أن الادارة الاميركية مستمرة في حربها دون أن يكون هناك أمل مافي وضع حد لأي منهما على المدى المنظور, بمعنى آخر إن الرئيس الاميركي الحالي سيورث الرئيس المقبل عبء الحربين على الرغم من فشل معتقدات ومبادئ إدارة بوش,هذا بالاضافة إلى ظهور العديد من المشاكل التي أطاحت بجدول الاعمال الاميركي الذي سعى إلى تحرير العراق وأفغانستان لم تنتج حكومات ترضى عنها الولايات المتحدة الاميركية ,وقد أدى إصرار أميركا على إجراء انتخابات حرة وديمقراطية في كل من غزة والضفة الغربية إلى تسليم حماس دفة السلطة, أما في لبنان فقد ساهمت الانتخابات الحرة بتعزيز موقف حزب الله وهكذا أحبطت محاولات أميركا تغيير الفكر العربي الرافض للهيمنة الأميركية وأدى إخفاق معتقدات إدارة بوش الذريع إلى خلق فراغ خطير,وعوضاً عن إصلاح الخلل الذي أصاب المعتقدات والقيم الأميركية(خصوصاً) في ما يتعلق بتناذر أعراض استخدام القوة بشكل صحيح ومناسب أصبحت أميركا بلا قيم .ولا يبدو أن أحد المرشحين للرئاسة الأميركية قد تنبه إلى هذه المعضلة ,وبغض النظر عن نتائج الانتخابات التي ستجعل الرئيس الجديد ملزماً في تغيير عقيدة بوش وعلى الرغم من أن ذلك لن يكون مهمة سهلة إلا أن واجب الرئيس الجديد الاعتراف بأن أميركا قد وصلت إلى الطريق الصحيح وتخلت عن الحكمة عندما نسيت كل العبر التي تعلمتها من حربها في فيتنام ولم تسع إلى تطبيقها ,وقد يكون من المفيد ومن الحكمة الاحتفاظ بتناذر أعراض الحرب العراقية والاستفادة منها لأن ذلك يذكرها بأن لاستخدام القوة حدوداً قادرة على كبح ولجم الدوافع المتهورة للسياسيين الذين وعدوا بتحقيق السلام بإرسال الفتية للقتال بعيداً عن أرض الوطن ,إن الحكمة التي يجب أن تتعلمها الإدارة الاميركية من حربها على العراق هو تجنب التورط القيم بأي حرب أخرى إذ إن الخطوة الأولى أمام الرئيس الاميركي الجديد هي نبذ سياسة بوش نبذاً كلياً وقاطعاً.