ثم تلتها قمة بوخارست لتذكرنا أن هذا الحلف الذي تم تأسيسه قبل ستين عاماً ويحتضر في نهاية الحرب الباردة, يبقى المنتدى الرئيسي لطرح نقاشات الأميركيين والأوروبيين وإقرار الأجوبة للتحديات الواجب مواجهتها خلال القرن الحادي والعشرين في مجال الأمن والدفاع.
إن المهمة الرئيسية للناتو( حلف شمال الأطلسي), إنما تتجلى في أفغانستان, لذلك راح بوش يحث الحلفاء في قمة بوخارست لمضاعفة جهودهم غير العسكرية بغية تعزيز الحكومات والهيئات الديمقراطية وخلق إمكانيات اقتصادية ووظائف أخرى, وفي هذا الصدد صرح ساركوزي أن عودة السلام إلى هذا البلد وإعادة بنائه, يتطلبان قوة عسكرية على المدى الطويل.
الحلف الأطلسي الذي يضم نحو 4700 جندي داخل قوة دولية للمساعدة والأمن, كان جدد التزامه بتقديم المساعدات للشعب الأفغاني وتحرير بلاده من ربقة المتطرفين, كما التزمت أميركا بإرسال قوة إضافية قوامها 3500 جندي أميركي, وسترسل فرنسا هي الأخرى نحو 700 جندي لتعزيز قواتها, إلى ذلك وضع الحلف الأطلسي كل شيء موضع التنفيذ, قولاً وفعلاً, لتحقيق نجاح مهامه في أفغانستان.
وكما حصل في براغ عام ,2002 أحرزت مسألة التوسع نجاحاً كبيراً في قمة بوخارست, وشرع الناتو أبوابه لانضمام دول جديدة إليه منها كرواتيا وألبانيا, لكن أبوابه أوصدت أمام مقدونيا رغم اتفاق كل قادة الحلف , على أن هذا البلد يلبي المعايير التي نصت عليها خطة العمل للانضمام إلى الناتو, وطالب قادة الحلف اليونان ومقدونيا بالتقدم سريعاً في حل خلافاتهما حول قضية التسمية (مقدونيا) لكي يأخذ هذا البلد المكانة التي يستحقها ضمن مجلس الناتو.
بوش الذي يرى أن الناتو يمثل محور أمننا الأطلسي, كان قد أعاد التأكيد على رغبته في ( توسيع دائرة الحرية) في أوكرانيا وجورجيا, وعلى الرغم من أن الحلفاء ليسوا جاهزين لمنح هذين البلدين (اليونان ومقدونيا) وضع المرشح الرسمي في خطة العمل من أجل الانضمام, فقد حققوا خطوة حاسمة في هذا الاتجاه, وفي بيان مشترك لهم, أبلغ قادة البلدان الأعضاء في الحلف عن موافقتهم باستقبال دولتين جديدتين في الموعد المحدد, ومنحوا وزراء خارجيتهم السلطة لإعادة دراسة ملف انضمام اليونان ومقدونيا خلال اجتماعهم في كانون الأول المقبل.
لقد أتاحت قمة بوخارست إحراز تقدم ملحوظ بخصوص مسألة المنظومة الدفاعية الأميركية المضادة للصواريخ, والتي شكلت منذ حوالي سنة قضية حيوية للنقاش بين أميركا والحلفاء الأوروبيين وروسيا, وفي هذا السياق أشار قادة الدول الأعضاء إلى وجوب عقد جبهة موحدة للبحث في منظومة الدفاع الصاروخي, كعنصر استراتيجي لعب فيه الناتو دوراً هاماً, كما بحثوا في مشروع وضع وسائل دفاعية مضادة للصواريخ في أوروبا, بالتشاور مع بولندا والجمهورية التشيكة كجزء من نظام شامل بين الولايات المتحدة والناتو للوقوف في وجه التهديدات, وهو نظام بإمكانه أن يشرك روسيا في حال موافقتها على ذلك.
باختصار كانت القمة الناجحة في بوخارست دللت على حلف معزز وقوي.