فهل ستتحقق تلك المقولة من جديد مع احتمال فوز المرشح الرئاسي الجمهوري جون ماكين? إذ تشير العديد من المؤشرات أن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة, المعروفين بعدائهم للوضع الدولي القائم, والمناصرين لفكرة استخدام القوة باسم الديمقراطية, وكذلك المدافعين عن النسبية الثقافية, ومداحي أمريكا تضيء العالم, قد خسروا الكثير من قدراتهم وتأثيرهم بسبب فشل الحرب على العراق. فلم يدعموا الرئيس جورج بوش في مغامرته تلك فحسب, بل كانوا الملهمين لها وصنّاعها حتى قبيل أحداث /11/ أيلول .
ومن خلال هذا السياق أدت ورطة الولايات المتحدة مابين نهري دجلة والفرات إلى تجريدهم من كل مصداقية لهم, حتى وإن كانت الغالبية منهم قد باعدت المسافات مع الرئيس وتخلت عنه وهو في وسط العاصفة.
ولم يشيروا ببنانهم إلى عدم صوابية الحرب على العراق وقلب نظام صدام حسين, وإنما انتقدوا الطريقة التي شنت وأدارت بها أمريكا الحرب, ولاسيما خلال فترة مابعد الحرب.
وهاهم الآن يندسون ضمن بطانة المرشح الجمهوري جون ماكين. وحسبما أوردته صحيفة نيويورك تايمز فقد ضم ماكين إلى فريقه الاستشاري مجموعة منهم, ومن الوجوه البارزة فيهم أمثال بيل كريستول ابن ايرفينغ, صاحب صحيفة الويكلي ستاندارد, الناطقة باسمهم, وروبرت كاغان, الذي ذاع صيته منذ بضعة أعوام إثر توجيه تهمة الجبن إلى الأوروبيين مقابل ميزة الشجاعة والإقدام للأميركيين, وكذلك راندي تشونمان, أحدالمؤسسين عام 2002 للجنة من أجل تحرير العراق.
وليس خافياً على أحد أن المرشح جون ماكين, وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2000 كان هو المرشح المفضل لدى المحافظين الجدد, وليس جورج بوش. وذلك حينما آثار هذا الأخير حفيظة من يدعونهم (المحافظون الجدد ) اسم ( الجاكوبية الثورية ) بتأكيده نيته انتهاج سياسة خارجية (متواضعة).بينما, على العكس من ذلك, فقد تميز جون ماكين في نظرهم من خلال دعمه سياسة التدخل في البلقان التي اختطها الرئيس الأسبق كلينتون ودعوته إلى إعادة العمل بمذهب ريغان, من أجل دحر الدول المارقة, بتقديم الدعم السياسي والمادي إلى القوى المناوئة الداخلية لهذه الدول, التي تشكل خطراً وتهديداً لمصالح وقيم أمريكا, وقلب أنظمة حكمها. وصرح استعداده الآن إلى لتطبيق هذه القاعدة على ايران.
ويعتقد بعض المحللين السياسيين أن المحافظين الجدد, ,وفيما لو وصل ماكين إلى البيت الأبيض لن يحتلوا مركز الصدارة في حكومته وكعهدهم مع بوش بعد عام ,2001 ويعزون الأسباب إلى إلمام المرشح ماكين بالسياسة الخارجية جيداً, على عكس جورج بوش, الذي كان بحاجة لأن يتعلم كل شيء, وكان شديد التأثر بالمحيطين به. ولايعتبر ماكين قليل التجربة, حتى وإن نطق بحماقات, وقد فعلها. والسبب الثاني يجمع ماكين حوله أصدقاء من قدامى السياسيين الأميركيين أمثال هنري كيسنجر وبرانت اشكروفت المعروف بكرهه للمحافظين الجدد, ولديه استشارات من المدرسة الواقعية, أي يخضع لتأثيرات متنوعة, ولذلك فهو يزعم لنفسه أنه يتمتع بمؤهلات رجل دولة!