تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تهجين تلفزيوني

فضائيات
الأربعاء 30/4/2008
غالب حسن محمد

لقد ركزت عشرات الدراسات والكتب والأبحاث التي نشرت في العقد الماضي على الإعلام وعلاقته بالمجتمعات التقليدية (المتخلفة بالمقاييس الغربية)

على مسألة تمكين شعوب الشرق الأوسط من الوصول إلى مجتمع الحداثة والحضور في العصر,واستطراداً توفير الفرص أمام البرامج في وسائل الإعلام المرئية في العالمين العربي والإسلامي ,إضافة إلى وسائل الإعلام في أمريكا اللاتينية للاطلاع على الحياة في المجتمعات الغربية وإمكانية محاكاتها وتقليدها.‏

إن المشكلة التي واجهت هذه الوجهة ولاتزال تواجهها, هي أن ماتقدمه وسائل الإعلام الغربية ثقافياً وإعلامياً يبتعد بنسبة عالية عن طبيعة المنظومات القيمية العربية والإسلامية, وطبيعة مشكلات ما أسموه با(العالم الثالث)ومشكلاته الاقتصادية والسياسية, بالإضافة إلى أن وسائل الإعلام الغربية والتي تسيطر الولايات المتحدة عليها بنسبة 90% تتبع نظام تسليع المادة الثقافية أو السياسية ,وربطها بمصالح حكومات وقوى اقتصادية .‏

إن مشاهدنا العربي والإسلامي, أمام التسليع من جهة والتحريف المدروس والمنظم لمعظم الحقائق من جهة أخرى .ماتريده وسائل الإعلام الغربية هو غربنة العالم (المتخلف) من فوق,أي من خلال منظومته الفكرية والأخلاقية والثقافية ,لتضعف ما تسميه هي ب(الإرهابي) و(المعادي للحضارة الغربية) وبهذا فهي تستهدف مطالبه التحررية والتنموية الحقيقية ودفنها.‏

إن ماتملكه وسائل الإعلام الغربية من قدرات هائلة ,كفيل بالسيطرة على وسائل الإعلام المحلية وتهميشها ودفعها إلى تقليدها.هناك عملية التفاف واسعة على إعلامنا المرئي العربي والإسلامي ,من خلال وضع اليد على وسائل إعلامنا بقوة الأنظمة أو بقوة رؤوس الأموال والشركات والعائلات المسيطرة ,ما يضع وسائلنا في سياق التلفزيون الواحد الذي يبرمج ويبث في إطار مصلحة المركز الغربي الأم.‏

رغم كل ذلك فإن التحديث الثقافي (الذي حصل ويحصل) لم يكن سوى حالات تقليد هزيل لما تبثه المحطات الغربية, أما المكمن السلبي في ذلك ,فإن وسائل الإعلام في المنطقة العربية والإسلامية في معظمها ,تجتهد لإنتاج هوية جديدة لإنسان عربي أو مسلم تقوم على (التهجين) كما هجنت الولايات المتحدة البطاطا والبندورة والقمح وبقية المواد.‏

في برامج تلفزيونات الواقع الذي طرحه الغرب ,وتم تبنيه من قبل بعض الأنظمة, لامجال للفصل بين الاقتصادي والسياسي ,إذ تتبع محطاتنا (العربية والإسلامية) الرسمية ومعظم المحطات الخاصة سياسة الترويج لثقافة الترفيه والتسلية التي سلّعت الثقافة .وبذلك فهي تعمل على قبر (الثقافة المثقفة) وهذا ما انعكس على المجتمع المدني وأفراده ومفكريه ومثقفيه ,ورمى بهم إلى الصفوف الخلفية للمجتمع‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية