تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حدث.. سورية واسطة العقد

آراء
الأربعاء 30/4/2008
د. اسكندر لوقا

لأن سورية اليوم كما كانت منذ عشرات العقود واسطة العقد,فإن أحدا لا يستطيع أن يتخطاها, وخصوصا في الظروف الصعبة, وكذلك في المناسبات التي تتطلب وقفات وطنية, تتصل بالحرص على حاضر الوطن العربي ومستقبله.

استذكرت هذه المعادلة وأنا أقرأ, موخرا,ما أورده الصحافي المعروف الأستاذ (سعد محيو) في مقاله المنشور في إحدى الجرائد الإماراتية وفيه قوله (إن موقع سورية في سياق التحولات الاستراتيجية الجارية في المنطقة بالغ الأهمية, فهي واسطة العقد لأي تحالف إقليمي دولي كبير,وإن من يربح سورية يربح كل شيء, ومن يخسرها يجد أن مواقعه ضعيفة في الكثير من المجالات).‏

وفي سياق استذكاري هذه المعادلة, أودّ أن أذكر القارىء بإحدى الوثائق التي يعود تاريخها الى اليوم السادس من شهر كانون الأول عام ,1787 يوم نشر الرحالة الفرنسي الشهير (فولني) كراسا ضمنه انطباعاته التي خرج بها إثر زيارته لسورية قبل عامين من التاريخ المذكور, وجاء في إحدى فقرات الكراس (إن الاستيلاء على سورية يجب أن يكون محور السياسة التي تريد السيطرة على عموم الشرق الأوسط). وبعد أحد عشر عاما, وتحديدا في الرابع من شهرتشرين الثاني عام ,1798 كتب (تاليران) وزير الشؤون الخارجية الفرنسية حينذاك, كتب رسالة باسم حكومته الى (نابليون بونابرت), ينصحه فيها بتجريد حملة عسكرية على سورية, للسيطرة على البحر الأبيض المتوسط الذي كان واقعا يومئذ تحت سيطرة الأساطيل الروسية والبريطانية, مضيفا إن من يمتلك سورية يمتلك ما وراءها.‏

على هذا النحو كان الفرنسيون ينظرون الى سورية. وقد أوضح الأستاذ محيو, بنتيجة قراءته أحداث المنطقة, وأورده في مقاله الذي أشرت إليه, أوضح أبعاد ومعاني المحاولات التي نشهدها في أيامنها هذه, لجعل المنطقة برمتها, تحت سيطرة الاستعمار الجديد, هذا الاستعمار المتمثل بسعي رموزه للقضاء على محطات الممانعة العربية في المنطقة, وذلك في نطاق ما جاء ذات مرة في سنة 2005 على لسان وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية (كونداليزا رايس) وهو أن الجوهر الحقيقي للخلافات الراهنة في المنطقة يكمن فيما وصفته ب(الاصطفاف الاستراتيجي الجديد) في الشرق الأوسط.‏

وفي سياق هذه الخلافات, كما يلاحظ قارىء أحداث المنطقة, تدور اليوم أحداثها الساخنة, حتى كأن التاريخ بدأ يعيد نفسه بالفعل لا بالقول, ولكن بأسلوب جديد وهو أسلوب نشر »الفوضى الخلاقة) في ربوع المنطقة, بذريعة نشر الديمقراطية وتمكين أهلها من ترتيب البيت العربي عموما, حتى يتسنى لقادته استلام مقاليد الحكم فيه, بعيدا عن التدخلات الخارجية, وما الى ذلك من حجج ثبت أنها واهية وغير قادرة على خداع العارفين بحقائق الأمور.‏

إن سورية, خبرت قديماً مثل هذه النوايا التي خبأها المستعمرون وما زالوا يخبئونها ضد مصالحها الوطنية أولا, وضد مصالح الأمة العربية ثانيا, ومن هنا كان صمودها, دفاعا عن حاضر الأمة ومستقبلها, وهي لا تزال تؤمن بأنها تجسد نبض الشارع العربي, ولذلك ترفع راية الامتناع عن القبول بالأمر الواقع الذي يسعى المستعمرون الجدد لدكّ أسافينه فوق أرضنا العربية وبشتى الوسائل. ولهذه الاعتبارات كثيرا ما دفعت سورية ثمن وقفاتها الوطنية والقومية دماء وأموالا وتضحيات على مختلف الأصعدة. ولأنها تؤمن بالحق والعدل لا تتراجع قيد أنملة عن تأدية رسالتها الوطنية والقومية حتى لا تغدو جسرا يعبر عليه الآخرون لتحقيق أغراضهم التوسعية سواء أكانت معلنة أم غير معلنة.‏

Dr-louka@maktoob.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية