وحسب مصادر قضائية إن التطبيق العملي لقانون الأحوال الشخصية بعد هذه التعديلات أفرز مجموعة من السلبيات والثغرات من خلال الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الشرعية الأمر الذي فرض ضرورة إجراء تعديلات أخرى جديدة أقرّت مؤخراً لتحقيق مصلحة الأسرة والمؤسسة الزوجية، مؤكدة أن التعديلات منسجمة مع الدستور وأحكامه وقواعد الشريعة الإسلامية وبما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية ولاسيما منها ما يتعلق بقضايا التمييز ضد المرأة.
وبيّن القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود المعراوي أن التعديلات الأخيرة للقانون رقم 20 الصادر في 27 حزيران الحالي جاءت تلبية لحاجات المواطنين والمجتمع واستجابة للتغيرات والمستجدات التي طرأت على المجتمع السوري نتيجة مفرزات الحرب التي عانتها البلاد خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن الغاية منها تحقيق انسجام مواد القانون مع الواقع الفعلي للمجتمع السوري من حيث تحقيق العدالة والتوازن بين حق الحضانة وحق الولاية، وتحقيق مقاصد الزواج على وجه الكمال للزوجين والاهتمام بالشروط الخاصة في عقد الزواج، ورفع أشكال الضرر عن الزوجين والاطلاع على النضوج الفكري للراغبين في الزواج في ظل ارتفاع غير مسبوق لحالات الطلاق نسبة الى حالات الزواج، والذي وصل إلى 31 % إضافة لزواج القاصرات الذي ارتفع هو الآخر إلى مستويات غير مسبوقة في المجتمع السوري والذي ساهم أكثر في رفع معدّلات الطلاق، إضافة إلى القضايا الناجمة عن هذه المشكلات فيما يتعلق بحضانة الأطفال والنفقة وغيرها من مفرزات الحرب التي فرضت أوضاعاً تحتاج إلى تعديلات للقوانين التي تحمي الأسرة السورية.
القاضي الشرعي وسيم أنيس أوضح أن القانون يتألف من مادتين تتمحوران حول سن الزواج والنفقة وحضانة الأطفال حيث إن التعديلات الأخيرة طالت المادة 16 والتي تتمثل في إكمال أهلية الزواج للفتى والفتاة بتمام الثامنة عشرة من العمر وفي حال أتمت الفتاة الثامنة عشرة من العمر وأرادت الزواج يطلب القاضي من وليها بيان رأيه خلال مدة لا تزيد على خمسة عشر يوماً فإذا لم يعترض أو كان اعتراضه غير جدير بالاعتبار يأذن القاضي بزواجها بشرط الكفاءة ومهر المثل، حيث إن الهدف من هذا التعديل حصول زواج مبني على حسن الاختيار للوصول لبناء مؤسسة زوجية بعيدة عن الإشكالات التي تنغّص على الزوجين وتساهم في زعزعة استقرار الحياة الزوجية، مضيفاً إن التعديلات طالت أيضاً بنداً يتعلق بموضوع النفقة الزوجية حيث نصت على أنها تسقط في إحدى حالتين وهما إذا امتنعت الزوجة عن الإقامة مع زوجها في مسكن الزوجية دون عذر شرعي، وإذا عملت خارج مسكن الزوجية دون إذن زوجها، حيث إن هذا التعديل كان ضرورياً لاسيما في ظل المشكلات المتفاقمة الناجمة عن مثل هذه القضايا.
بدوره أشار القاضي الشرعي خالد جندية إلى أن التعديلات شملت قضية حضانة الأطفال حيث تتضمن المادة 146 انتهاء الحضانة بإتمام المحضون ذكراً كان أم أنثى الخامسة عشرة من العمر ويخيّر بعدها في الإقامة عند أحد أبويه، ولمن اختاره القاصر أن يطلب من القاضي تسليمه إياه وفق الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 139 من القانون واشترطت في الحاضن وفق القانون تمام العقل والبلوغ والسلامة من الأمراض المعدية الخطيرة والقدرة على تربية المحضون ورعايته وحفظه صحة وخلقاً، وألّا يكون قد سبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على الشرف، ويشترط في المرأة الحاضن زيادة على الشروط الواردة سابقاً أن تكون غير متزوجة بأجنبي عن المحضون إلا إذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون، بينما يشترط في الرجل الحاضن زيادة على الشروط السابقة أن يكون عنده من يصلح للحضانة من النساء وأن يكون ذا رحم محرم للمحضون الأنثى، وتستمر الحضانة للأم ولو كانت على غير دين أبي المحضون بإتمامه الخامسة من العمر، لافتاً إلى أن الانتقادات العشوائية التي وجهت إلى التعديلات التي تم إقرارها لاسيما في وسائل التواصل الاجتماعي والأحكام المسبقة غير مبنية على قراءة دقيقة لماهية هذه التعديلات والغاية منها، وعدم التعمّق في الأسباب الموجبة لهذه التعديلات التي تأتي استجابة لمعالجة الحالات والمستجدات الاجتماعية لاسيما في ظل الواقع الحالي وبما أفرزته الحرب من أوضاع تطلّبت هذه التعديلات على قانون الأحوال الشخصية.