وفي ممارسة الحد الأقصى من الضغط الاقتصادي على إيران لايمكن أن تؤدي إلى نشوب حرب ، حيث وقعت الحسابات الأميركية الخاطئة مع إيران التي تم التنبؤ بها منذ فترة طويلة على النحو الواجب أخذ الموعظة منها واستخلاص العبر، لقد كانت بضع ساعات مخيفة ارتعش العالم فيها من مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة وإيران.
وارتكب الأميركيون خطأ فادحاً في الخليج عندما تعمدوا إثارة العدواة والحرب مع إيران حين تجاوزت طيارة تجسس مسيرة بدون طيار الحدود المسموح بها ما اضطر إيران لإسقاطها.
واتهمت واشنطن طهران بمهاجمة ناقلات النفط - وقال البنتاجون إن الطائرة بدون طيار كانت تحلق في المجال الجوي الدولي عندما أصابها صاروخ.
ونفت إيران ذلك بشدة قائلة إن مجالها الجوي السيادي انتهك لذلك هي اضطرت لإسقاطها و لكي تلقن ترامب وصقوره درساً عسكرياً لا مجال لنسيانه.
حيث فبركت الولايات المتحدة خرائط لإدانة إيران التي كانت واثقة من قضيتها حتى أنها تعهدت بإحالتها إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقد تضمنت صور البنتاغون صورة مفبركة لطريق الطائرة في البداية ووصفًا غير صحيح لمسار رحلتها عبر خرائط مزيفة، وأكد المسؤولون الأميركيون مؤخراً تأكيد إيران على أن طائرة ثانية مأهولة - وهي تابعة للبحرية الأمريكية P-8A بوسيدون - كانت موجودة أثناء الحادث ، وهي حقيقة لم يسبق أن ذكرها أحد.
وفي غضون ذلك، نشرت إيران صوراً للحطام التي استرجعتها من مياهها الإقليمية، وكيف دفعت طائرة بدون طيار الولايات المتحدة وإيران إلى حافة الحرب.
لكن يبدو أن مسؤولاً رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، تحدث بدون أن يذكر اسمه، وقد اقترب من الحقيقة عندما قال إن الهجمات قد توقفت بسبب «المخاوف» من أن الطائرة بدون طيار، أو طائرة أميركية بدون طيار أخرى، تابعة للبحرية من طراز P-8A، قد انحرفت بالفعل إلى إيران، مما يعكس فوضى صنع القرار في البيت البيضاوي.
ففي أعقاب الهجمات على ناقلات النفط في خليج عُمان - والتي تلقي الولايات المتحدة باللوم فيها على إيران، على الرغم من وجود أسئلة حول الهجوم - فإن الخطاب حول إيران الذي دفعته الإدارة الإميركية والآخرين يصل إلى درجة الحمى.
مما دعا السناتور توم كوتون إلى المطالبة بتوجيه «ضربة عسكرية انتقامية» ضد إيران ليتمخض البيت الأبيض وصقوره بعد سلسلة من التهديدات التي أقامت الدنيا ولم تقعدها لتفضي إلى عقوبات على قيادات إيرانية وهي عقوبات لاتؤثر لا قريب ولامن بعيد على هذه القيادات الإيرانية تجنباً لحرب خاسرة مع إيران قد تدفع بترامب وحكومته وصقوره إلى حافة الهاوية لو حدثت هكذا مواجهة مع إيران القوية.
وهذا، بالطبع، ليس مفاجئاً لأي شخص راقب الجدل حول إيران في واشنطن.
فعلاً لقد انفصلت الولايات المتحدة عن الواقع.
لقد أشعل ترامب النيران في إيران، والآن يخاطر الحريق بالخروج عن نطاق السيطرة.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه يذكرنا بفترة الاستعداد للحرب في العراق في عام 2003 - كيف كذبت إدارة بوش حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وكيف تم إخبار الأميركيين بأن الغزو سيكون « نزهة « وأن أميركا ستحظى باستقبال كبير.
إن التقارير التي تشير إلى اجتماع نادر رفيع المستوى عُقد مؤخراً بشأن إيران في وكالة المخابرات المركزية الأميركية قبل الجولة الأخيرة من التحذيرات بشأن إيران مما يعيد الذاكرة إلى تسييس الاستخبارات العسكرية الأميركية للأمور قبل حرب العراق. والنتيجة المترتبة على ذلك كله هي زيادة خطر المواجهة العسكرية مع إيران. ولتطوير استراتيجية فعالة، تحتاج أميركا إلى أن تضع نفسها في مكان إيران.
بعد أن غزت الولايات المتحدة اثنين من جيران إيران - أفغانستان والعراق - وازدادت التوترات سوءًا وضاعت في حلم الحمى الأميركية من التقدم العلمي الإيراني ويبقى الحل الوحيد فقط هو الحاجة إلى الحوار مع طهران.
واستراتيجية جديدة أكثر مرونة مع إيران ويجب على الولايات المتحدة التحدث إلى إيران حول مستقبل أفغانستان والعراق. وهناك حوار أوسع يجب إجراؤه - إلى جانب الضغط - حول الأمن الإقليمي. هذا ويمكن لإيران أن تفعل المزيد لدفع الولايات المتحدة إلى حافة الهاوية كذلك.
مع انسحاب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران والدول الكبرى، تقول إيران إنها سوف تجد حلاً خارج حدود الاتفاقية النووية، ما جعل المسؤولين الأميركيين يتنبهون إلى حقيقة مفادها أنهم بحاجة إلى الاستيقاظ من حلم الحمى وإجراء نقاش حقيقي مع إيران، ووضع استراتيجية جديدة وبدء حوار حقيقي مع إيران.