فكيف يمكن لك أن لا تتورّط بالمزيد من الشغف الذي لربما انقلب عليك سوءاً..؟
هل يمكن للمرء أن يضع حدوداً لشغفه..؟
لأنه متى ما كان مضبوطاً أو محدوداً تحوّل ليصبح أي شيء آخر منقلباً على أصل جمالية الجنون التي تدفعه قُدُماً.. وانتهى مفعوله إلى شيء عادي وخامد.
أن يلاحق المرء خطوات شغفه كان حال أندرو في فيلم (ويبلاش، Whiplash) تأليف وإخراج دامين شازيل، إنتاج 2014، لكنها لم تكن مجرد ملاحقة معتادة بل تحوّلت إلى نوع من المطاردة الغريبة..
على هذا النحو تختلط الكثير من المتناقضات في خضم الحكاية التي نشاهد..
نحن أمام مزيج من حالات الصراع بين النجاح ونقيضه الفشل.. بين الإقدام والتراجع.. أو حتى بين رهافة الإحساس وصلابة السلوك والموقف التي نراها في أبهر تجلياتها كما في حالة مدرّس الموسيقا «فليتشر».
ألا تتسرّب إلينا بعض من ملامح الأنانية حين نطارد شغفنا ونصبح غير قادرين على رؤية أي شيء سواه..؟
وهو ما كان من أمر (أندرو، ميلز تيلر) حين تخلّى عن الفتاة التي يهوى لاعتقاده أنها لربما شغلته عن متابعة حلمه/شغفه في أن يصبح من أشهر عازفي الدرامز..
وهو ما يبدو عليه أيضاً حال المدرّس (فليتشر، ج. ك. سيمونز) حين يبقى شغوفاً بحلم اكتشاف عازف درامز استثنائي، ممارساً كل أساليب الترهيب النفسية وكذلك الجسدية مع طلابه.
حتى نتساءل: كيف لمن يمتهن تدريس شيء مرهف ومؤثّر كما الموسيقا أن يمتلك مثل تلك الشخصية المتماهية مع ألعابها النفسية في ضبط سلوك ومهارة التلاميذ..؟
هي الرغبة بالانجرار وراء الشغف مهما اختلط بمظاهر تنافي جوهره بملامسة حلمنا والقبض عليه.. وهو ما يكلّف أندرو الكثير متحوّلاً لشخص آخر حين ينتهي به الأمر إلى حالة من عدم القدرة على ضبط انفعالاته.. لنظن حينها أنه فرغ من ممارسة شغفه في العزف على الدرامز.. معتقدين أنها خاتمة الحلم/الشغف..
المفاجأة/التحوّل الذي ينعطف وراءه الفيلم، تتمثل بقدرة الثنائي (الطالب أندرو، الأستاذ فليتشر) على اكتشاف كل ما يمتلكه الآخر حقيقةً.. ويبدو أن شغف أحدهم قادرٌ على التقاط شغف الآخر والتناغم معه أيضاً، كما تنتهي الحكاية.. في وصلة موسيقية ولا أجمل ينسجم فيها كل من التلميذ والمعلّم.. اللذين قدّما أداءً أكثر من لافت واصلاً لحدود العبقرية الفنية.. في مدى التماهي مع موجات الشغف التي نؤمن بها حين نحب شيئاً ما حدّ الهوس.
lamisali25@yahoo.com