وقد بلغت ذروة عظمتها في عهد سيف الدولة الحمداني وكانت منارة في الادب والشعر والفن والغناء حيث استقطب في بلاطه النخبة من رواد الادب والفن.
وربما لموقعها الهام وعراقتها لفتت اليها انظار الطامعين والحاقدين ماجعلها قبلة لهم، وقد سجل لنا التاريخ حروبا عديدة شنت ضدها ليس اولها حروب البيزنطة ومن ثم غارات هولاكو التي أتت حروبه على كل شيء ومن بعده تيمور لنك الذي لم يكن أقل حقدا وهمجية من سابقيه.
ولكن حلب في كل مرة كانت تنهض من جديد لتعاود البناء وتستأنف الحياة بهمة أبنائها وارادة الحياة التي لم يستطع الأعداء على اختلاف أشكالهم وتسمياتهم ان يطفئوا جذوتها.
واليوم إذ تعيش حلب التجربة من جديد من عدو ربما هو الأكثر وحشية وإجراما تقف حلب صامدة متحدية، فما أشبه اليوم بالأمس وكأن عصابات المغول والتتار تنبش قبورها لتعود من جديد بألوان الحقد والدم المستباح لايفرقون بين طفل رضيع وامرأة ثكلى ولايفقهون معنى الانسانية والحضارة وكأن في عقولهم مساً من الشيطان والجنون معا.
لكن نقول لحلب صبرا فمدينة استطاعت ان تقهر جبروت هولاكو وطغيان تيمور لنك وعظمة البيزنطيين قادرة على تخطي المصاعب وتجاوز المحن والانتصار لابد حليفها ببسالة الجيش العربي السوري وهمة ابنائها المتجذرين في أرضها والمتمسكين بكل ذرة تراب من أرضها.
حلب «اللهم عطر ثراها وهواءها وماءها وحببها لأبنائها» نردد الدعاء مع ابراهيم الخليل لتبقى المدينة شامخة عزيزة قوية بأبنائها عريقة بأمجادها، وسيأتي يوم تحكي قلعتها الحصينة صمود تلك المدينة وتروي قصة رجالات وعظماء كتبوا النصر بدمائهم الطاهرة ولسان حالهم يقول:
كلما رحبت بنا الروض قلنا
حلب قصدنا وأنت السبيل