اما بسبب الفساد في الادارات او بسبب خلل دراسات الجدوى أو بسبب تغيير السياسات الاقتصادية، أو بكل هذه الاسباب، البداية كانت بإغلاق وحدات تصنيع الكونسروة في ادلب ودرعا ودير الزور وجبلة مروراً بإغلاق معمل حرير الدريكيش وشركات الألبان والزيوت والبسكويت والكبريت وصولا ًالى الأزمة التي تكفلت بالقضاء على ما تبقى من معامل السكر وحلج الاقطان.
مزارعو الحمضيات تتكرر معاناتهم كل عام ولم تثمر على الأرض كل الجهود لتصنيع الحمضيات وما زالت في مرحلة الانطلاق رغم ان الاستحقاقات المتاحة أمام التصنيع الزراعي في هذه المرحلة ليست كبيرة وتكاد تكون محصورة بموضوعي الحمضيات والزيتون ولا سيما بعد أن شاهدنا العام الماضي كيف تحول محصول الشوندر السكري الى أعلاف للحيوانات.
كما مزارعي الحمضيات تحت رحمة الطبيعة والتجار فإن مشكلة زيت الزيتون تتفاقم كل عام فالمزارع الذي ينتج سنوياً كمية كبيرة من زيت الزيتون لا يستطيع تخزينها والحفاظ عليها يضطر لبيعها لتجار لا يعنيهم شيء سوى الربح، وانقاذ هؤلاء المزارعين بات من ضرورات حماية هذه الشجرة والحفاظ على سمعة المُنتج الوطني لأن التجار لا يهمهم سوى الربح ويبررون البيع سواء كان «تهريب ، بدون شهادة منشأ، بدون مواصفة» كل ذلك لا يهم والمهم البيع فقط، المخرج لهذه المأساة ربما يكمن في ان تتصدى له مؤسسة الخزن والتسويق فكما لديها وحدات خزن وتبريد للمنتجات والسلع يمكن ان يكون لديها خزانات كبيرة يستطيع اي مزارع ان يُخزن انتاجه من الزيت فيها مقابل مبلغ معين وحسب المدة التي يريدها وبما يشبه عمل البنوك تماماً.
أثبتت الأزمة أن سورية بلد زراعي بامتياز كما أثبتت الأيام بأن التصنيع الزراعي فشل فشلاً ذريعاً، ولكن ذلك يجب ألا يجعلنا نستسلم لمافيات وسماسرة يتاجرون بجهود المزارعين وسمعة البلد وعليه يجب ألا نترك زيت الزيتون لتجار الأزمات تحت عناوين وطنية لا تعنيهم إلا بقدر ما يكسبون.