فاتحاد نقابات العمال وضع العديد من الملاحظات على نقاط وردت في القانونين لمناقشتها مع الجهات المختصة والهدف منها هو الوقوف على احتياجات العامل مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة رب العمل وبالتالي لا يلحق الضرر بأي من الطرفين, في هذا الإطار التقينا السيد جمال القادري رئيس اتحاد عمال دمشق ليضعنا في صورة موقف اتحاد العمال من القانونين المذكورين.
المشروع يحتاج إلى المناقشة
* متى سيصدر مشروع قانون العمل الجديد? وما التحفظات تجاه القانون?
** من جانبنا نحن كنقابات لا نستعجل استصدار هذا القانون, ونأمل أن لا يصدر إلا بعد أن يشبع مناقشة ليحقق الغاية المرجوة من استصداره ويأتي بديلاً موضوعياً ومنصفاً عن قانون مازال رغم قدمه وبعض الثغرات فيه أفضل بكثير من مشروع القانون الجديد, هذا المشروع الذي استطاع الاتحاد العام لنقابات العمال أن يلحظ فيه ما يزيد عن ستين ملاحظة تحتاج إلى تغيير وتعديل وإلى مناقشة مطولة, ولعل الملاحظ الأهم هو أن الوقت المعطى لمناقشة هذا المشروع من قبل النقابات لم يكن كافياً وهذا ما يجعلنا نؤكد على ضرورة عدم التسرع في استصداره وتفعيل العمل بالقانون القديم ريثما نستطيع الاتفاق على قانون يحافظ على مكتسبات عمالنا وحقوقهم ويضيف إليها مكاسب وحقوقاً جديدة لا أن ينقص منها كذلك نتطلع إلى قانون ينصف رب العمل أيضاً ويسهم في خلق حالة من الأمان والاستقرار للعامل ورب ا لعمل لتنعكس بشكل ايجابي على خلق صناعة وطنية قوية, وتوفير علاقة سليمة ما بين العامل ورب العمل في مختلف قطاعات العمل الأخرى, علاقة توضح الحقوق والحفاظ عليها وتوضح بنفس الوقت الواجبات المترتبة على العامل تجاه رب العمل وموقع عمله والحفاظ على الآلة وصيانتها وزيادة الإنتاجية وتحسينها والارتقاء بالعمل والأداء إلى الشكل الأمثل, ونحن في النقابات كما يهمنا العامل يهمنا رب العمل والصناعة الوطنية ومجمل العمل الاقتصادي والخدمي بشكل عام, وهذا ما نؤكد بشكل مستمر على تكريسه عبر خطابنا النقابي ومن خلال الحوارات واللقاءات مع عمالنا ونقاباتنا في القطاع الخاص ومع أرباب العمل أيضاً.
التقاعد المبكر يستقدم عمالة جديدة
* لماذا توجد حالة من عدم الرضا على قانون التقاعد المبكر?
( ملاحظة : كتبت هذه المادة قبل موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون التقاعد المبكر)
** بداية لابد من الإشارة هنا إلى أن تجربة التقاعد المبكر ليست تجربة فريدة ووحيدة وقد سبقنا إليها العديد من الدول, وذلك بهدف مواجهة تحديات البطالة لإحلال عمالة جديدة محل عمالة قديمة مضى على عملها حسب مشروع القانون كحد أدنى عشرين عاماً, ويدعم أصحاب هذا الرأي تجربتهم هذه بأن مثل هذا القانون يمكن أن يسرع في تخليص شركات القطاع العام من العمالة الفائضة والعمال المرضى واستقدام عمالة جديدة شابة وأكثر تعلماً وبأجور, بدء التعيين القليلة لتحل محلهم, أما عن الملاحظات التي يمكن أخذها على مثل هذا الرأي فيأتي في مقدمتها أن مواجهة مشكلة ا لبطالة تحتاج في مواجهتها إلى الاستمرار في الخطط التنموية والتوسع في الصناعات القائمة وإيجاد صناعات جديدة على هامش وليست في عملية تبادل العمل ما بين عمال قدامى وطالبي عمل جدد, ثم أن هذه العمالة التي ستخرج من العملية الإنتاجية في القطاع العام ستبدأ بالبحث عن عمل في القطاع الخاص وستكون منافسة للباحثين عن فرص عمل, ولاسيما وأن القطاع الخاص سيرغب في تشغيل المتقاعدين لأكثر من سبب فهو من جهة صاحب خبرة طويلة ولا يهمه كثيراً موضوع الأجر خاصة وأن هذا الأجر سيأتي تحت عنوان دعم الراتب التقاعدي,إضافة إلى أن مثل هذا العامل لن يطالب بالاشتراك عنه بالتأمينات الاجتماعية, كما يمكن أن نشير هنا إلى تخوف آخر وهو أن يقدم على التقاعد المبكر العمال أصحاب الخبرات والكفاءات لثقتهم بأن القطاع الخاص بحاجة إلى خبراتهم, ويبقى في شركاتنا العمال المرضى وذلك في غياب الضمان الصحي الأمر الذي يشجعهم على الاستمرار في العمل للاستفادة من الطبابة.
كما أن مثل هذه التجربة ستحمل مؤسسة التأمينات الاجتماعية الكثير من الأعباء المادية, كما أنها ستحمل صناديق النقابات التي تدفع تعويضات نهاية خدمة الكثير من الأعباء المالية أيضاً وستوقعها في عجوزات كبيرة, بالطبع نحن كنقابات أشرنا إلى جملة هذه الملاحظات وطالبنا أن يكون مثل هذا القانون اختيارياً وليس إلزامياً وقد تم الأخذ بهذا الطلب.
راضون عن عمل نقاباتنا
* هل أنت راض عن الدور الذي تقوم به النقابات في مؤسسات القطاع العام?
**أولاً لا بد من التوضيح إلى أن عمل النقابات لا يقتصر على القطاع العام والحركة النقابية عندنا معنية بجميع عمال الوطن وفي جميع القطاعات العام والخاص والمشترك والتعاوني وبالعودة إلى السؤال أقول إن المسألة ليست مسألة رضا أم عدم رضا عن عمل النقابات في مؤسسات القطاع العام وهذه المسألة محكومة بعدة عوامل يمكن إيضاحها من خلال المثال التالي:
وذلك على سبيل المثال لا الحصر ولنأخذ هنا قطاع الصناعات المعدنية هذا القطاع الذي يتبع لنقابة واحدة هي نقابة عمال الصناعات المعدنية والكهربائية, فسنجد أنه ورغم أن النقابة واحدة إلا أن النجاح في عمل النقابة يتفاوت من شركة إلى أخرى فحيث تكون الشركة مستقرة إنتاجاً وتقوم عليها إدارة ناجحة ومتعاونة نجد عملاً نقابياً ناجحاً وهذا ما نلمسه في شركة الكابلات أو سيرونيكس, أما في شركة بردى لصناعة البرادات التي تعاني من مخازين إنتاجية وضعف السيولة فستجد أن عمل النقابة لن تقول ضعيفاً بل فيه الكثير من الإحراج حيث من الصعوبة أن تطالب من شركة شبه متوقفة بحوافز إنتاجية أو مكافآت أو حتى بفحوصات دورية وما إلى ذلك من قضايا مطلبية ضرورية للعمال, إذا المشكلة هنا ليست في الأداء النقابي بل في واقع هذه الشركة أم تلك, أما بالنسبة لحكمنا على عمل هذه النقابة ينطلق من نجاح هذه النقابة في معالجة جميع عمالها وأسرهم في مستوصف النقابة وبأجور أقل من تعرفة الحد الأدنى لوزارة الصحة, ومن خلال تنويع أنماط الخدمات التي تقدمها لعمالها وتنويع الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها بين عمالها يضاف إلى ذلك من خلال تواصلها الفاعل مع عمالها والعلاقة الجيدة مع إدارات القطاعات التابعة لمجال عملها والحوار معها وصولاً إلى معالجة جميع الصعوبات التي تعترض سير العملية الإنتاجية,ضمن هذه المقاييس يمكن القول إننا في اتحاد عمال دمشق راضون إلى حد كبير عن عمل نقاباتنا لكننا ما زلنا نتطلع إلى أداء أفضل وهذا تطلع مشروع.
وقفة مع الذات
* من الملاحظ في مؤسساتنا وجود حالة غزل بين الإدارة والنقابة, لكن من الملاحظ أن هذه الحالة تنعكس سلباً على حقوق العامل ما رأيك?
** ليست الإدارة عندنا جميلة إلى الدرجة التي تجعل النقابات تتغزل بها, والغزل بمفهومة العام حالة إنسانية راقية يفترض أن تنعكس إيجاباً على الجميع بما فيها العمال وليس بشكل سلبي كما أشرت في سؤالك, الذي أردت من خلاله أن تستبدل مفردة تواطؤ بالغزل وأنا أفهم سؤالك على هذا النحو وواجبي أن أجيب عليه بمنتهى الشفافية حيث تربينا في الحركة النقابية على أن لا نجير المسؤوليات وبالتالي يمكن القول إن العديد من الأمرا ض الإدارية أصابت بعض الجسم النقابي إلا أن هذه الأمراض لا يمكن أن تصل إلى حالة الخطورة لا لأنها ليست خطيرة بل لأن آلية العمل في المنظمة النقابية وقدرتها المناعية قادرة على معالجة هذه الأمراض وذلك سواء من خلال مكتب النقابة أو من خلال اتحاد عمال المحافظة ومهما تأخرت المعالجة فلن يطول مثل هذا المرض أكثر من عام حيث المؤتمرات السنوية للنقابات التي يتم خلالها وقفة مع الذات ومراجعة نتائج العمل والأداء النقابي السنوي وتقييمه وتقييم أصحابه وهذا ما درجنا عليه منذ بداية الدورية الحالية.. أخيراً لا بد من توضيح نقطة هامة وهي أن العلاقة الجيدة مع الإدارة لا تعني الغزل أو التواطؤ كما يحلو للبعض أن يفهمها لأن العلاقة المثلى بين النقابات والإدارات يجب أن تقوم على التعاون والحوار وليس كما يظن البعض أنها يجب أن تكون صدامية.. نعم قد يتطلب الأمر أحياناً وفي حالات خاصة أن نكون على هذا النحو لكن في الكثير من الحالات يجب أن تسود علاقة الحوار وتفعيل لغة الحوار.