|
مكتشفات أثرية...من عصر ما قبل التاريخ مراسلون حيث انتقل الإنسان فيه من مرحلة الصيد والالتقاط إلى ممارسة الزراعة وتدجين الحيوان والسكن بمساكن مبنية بالحجر والطين وأغصان الأشجار فكانت أولى المراحل باتجاه الحياة المدنية. وهناك العديد من مواقع ما قبل التاريخ في سورية أشهرها اللطامنة والقرما شي والعمق وبقرص والميرا, ممتدة على مختلف المناطق.
ومحافظة درعا مثلها كباقي المناطق الأخرى شهدت سكنا إنسانيا مبكرا للغاية, وكان الاعتقاد السائد أن درعا لا تحوي من عصور ما قبل التاريخ شيئا. وباستثناء بعض مواقع عصر البرونز. وكل ما فيها يعود للفترتين الكلاسيكية والإسلامية. لكن الأبحاث الحديثة أثبتت أن أرض حوران هي من أقدم المناطق المسكونة وأنها تحوي الكثير من المواقع التي سكنت في العصور الحجرية المتلاحقة. فالمتحف الوطني بدمشق يضم أدوات صوانية من بلدتي الطيبة وتل شهاب من العصر الحجري الحديث (النيوليت). وفي تل الأشعري وتحديدا في القطاع الجنوبي, وعلى حواف وادي الهرير, تم التقاط ومعاينة عشرات القطع الصوانية من العصور الحجرية الثلاثة المعروفة. القطع المكتشفة في العام 1998 عبارة عن رؤوس نبال ونصال وحراب وقواطع ومكاشط متقنة الصنع يعود القسم الأكبر منها إلى نهايات العصر الحجري القديم. وفي مجرى وادي الذهب القادم من الشرق والذي يمر بين مدينتي درعا وطفس مخترقا بلدة عتمان لوحظ في مجراه آلاف القطع الصوانية. والتي يعود أغلبها للعصر الحجري القديم وهي مكاشط وقواطع عريضة ذات ألوان فاتحة. كحال مدينة درعا مركز المحافظة والتي يشطرها وادي الزيدي القادم من مرتفعات جبل العرب إلى نصفين قديم وحديث. هذا فضلا عن ملاحظة مئات الكهوف والمغارات الموجودة في بطن الوادي, والتي تنتشر اعتبارا من قرية أم المياذن وحتى قرية زيزون على الحدود الأردنية وهذا ما يؤكد قدم الوادي واعتباره واحدا من أقدم المواقع المأهولة بالسكان. ونظرا لأهمية وادي الزيدي فلقد امتدت إليه التنقيبات الأثرية في نهاية العام 2004 وكانت النتائج أكثر من رائعة فقد تم اكتشاف العديد من القطع البازلتية المصنعة كذلك الصوانية. ففي موقع الميسري جنوب شرق مدينة درعا لايزال كل شيء على حاله المغارات بأحجامها وأشكالها المتنوعة, رؤوس النبال المدالك والجواريش الحجرية البدائية. والأفضل من ذلك الصخور الضخمة المتضمنة للرسومات والصور الحيوانية الفريدة من نوعها. ولم يبخل موقع خراب الشحم في تقديم المفردات الفنية من عشرات الكهوف والمغارات الكلسية المحفورة بعناية ينزل لها بأدراج ومداخل شبه شاقولية. ومئات وربما أكثر من الأدوات الصوانية كبيرة الحجم من العصرين الحجري القديم والحديث بفترة زمنية تزيد عن عشرين ألف عام كما ثبت للمنقبين والباحثين الاثاريين من أبناء حوران نفسها. ويعتبر موقع جملة أهم المواقع الجاثمة على كتف وادي الرقاد عند بداية الانهدام الكبير, على مشارف الجولان الحبيب. حيث طالته التنقيبات الأثرية في العامين 2003- .2004 وأدى ذلك للتأكد من قدم الاستيطان البشري فيه وذلك لوفرة مياهه وخصوبة أرضه واحتوائه على التنوع النباتي والحيواني اللازم لتفاصيل الحياة البدائية. ففيه حدبة طبيعية قائمة وسط طرفي الوادي العريض امتدادها شمال جنوب تضم الكهوف والمغارات القديمة وتتناثر في أرجائها القطع الصوانية والحجرية المصنعة من مختلف القياسات خاصة الصغيرة منها. عشرات الكهوف والمغارات القديمة, آلاف القطع الحجرية, كمية كبيرة من الأدوات الصوانية. كلها تثبت أن الاستيطان البشري في هذه البقعة التي يبدأ منها ما يعرف بوادي اليرموك يبتدئ من العصر الحجري القديم.
|